٣٢٧ - وأنشدوا
(الْمَرْء رهن مصائب لَا تَنْتَهِي ... حَتَّى يوارى جِسْمه فِي رمسه)
(فمؤخر يلقى الردى فِي أَهله ... ومقدم يلقى الردى فِي نَفسه)
تذكر أَيهَا الْمَغْرُور أَبَاك وإخوانك وتذكر أهلك وَجِيرَانك وتذكر أحبابك وأخدانك أَيْن الَّذين كَانُوا لَك فِي الدُّنْيَا أحبابا وَفِي أَيَّام حياتك أصحابا صحبتهم وصحبوك وذهبوا عَنْك وَتَرَكُوك وأوحشوا الْأَهْل والأحباب وفارقوا الْقَرَابَة وَالْأَصْحَاب قد ضمت أَجْسَادهم الْمَقَابِر وغيرت أبشارهم الحفائر وَبقيت أَرْوَاحهم تنْتَظر يَوْمًا تبلى فِيهِ السرائر فَمنهمْ من يجازى بنعيم وخلود وَمِنْهُم من يرد النَّار وَبئسَ الْورْد المورود أَيْن لُقْمَان بن عَاد أَيْن ثَمُود وَشَدَّاد أَيْن فِرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد وَأَيْنَ من طَغى فِي الْبِلَاد وَأظْهر فِيهَا الْفساد ذهبت وَالله تِلْكَ الأجناد وصاروا إِلَى ظلم الْقُبُور على غير مهاد وَلَا وساد
تذكر أَيهَا الغافل أَيْن الْمُلُوك الأكابر وَأَيْنَ الطغاة الجبابر وَأَيْنَ الَّذين جمعُوا الْأَمْوَال والذخائر وقادوا الجيوش والعساكر وَكَانَت الخطباء تذكرهم على المنابر حولتهم وَالله النوائب إِلَى الحفائر وبقوا مرتهنين بأعمالهم فِي ظلمات الْمَقَابِر ونزلوا على مَا قدمُوا من ذخائر الْأَعْمَال قد قطعت الديدان أوصالهم وَغير الْبلَاء أَحْوَالهم
قد سَالَتْ الْعُيُون مِنْهُم على الخدود وَصَارَت لحومهم قوتا للهوام والدود وَقسمت من بعد دفنهم فِي التُّرَاب أَمْوَالهم ونكحت من عدوهم عِيَالهمْ وأنشدوا
(هَل كَانَ قبلك للذات مرتاحا ... لَو شفه ذكر ذَنْب قد مضى ناحا)
(لله عبد جنى ذَنبا فأحزنه ... فظل حيران يذري الدمع سِفَاحًا)
(فاسفح دموعك عَن ذَنْب أصبت بِهِ ... فَرب دمع جرى للخير مفتاحا)
(وَرب عين رَآهَا الله باكية ... خوف الْقُبُور ستلقى الرّوح والراحا)
(مستعبر قلق مستيقظ فطن ... كَأَن فِي قلبه للنور مصباحا)
(يَا صَاحِبي دَعَا التسويف ويحكما ... واستبدلا بِفساد الدّين إصلاحا)
(لَا تأمنن وُقُوع الْمَوْت إِن لَهُ ... لأنفسا من جَمِيع الْخلق مجتاحا)
(إِن لم يبيتهم ناداهم سحرًا ... وَإِن تَأَخّر عَن تبكيرهم رَاحا)
(لَا يتْرك الْمَوْت بَيْتا حشوه فَرح ... إِلَّا أعاضهم ذلا وأتراحا)
(أهل الْقُبُور أبينوا عَن قبوركم ... هَل تَسْتَطِيعُونَ لي بِالرَّدِّ إفصاحا)