فلا يطلقان إلا على المرفوع، وأما على غير المرفوع: فلا؛ إلا مع التقييد؛ فيقال: هذا حديثٌ موقوفٌ.
وهذا هو عِلْمُ الحديث درايةً، وقد مَرَّ في الفائدة الأولى تعريفه درايةً وروايةً؛ قال الحافظ ابن حجر ﵀ في "شرح النخبة": "وقيل: الحديثُ: ما جاء عن النبيِّ ﷺ والخَبَرُ: ما جاء عن غَيْره؛ ومن ثَمَّةَ قيل لمن يشتغل بالتواريخ والحكايات والمواعظ: الأَخْبَاريّ، ولمن يشتغل بالسنة النبوية: المحدِّث، وقيل: بينهما عمومٌ وخصوصٌ مطلَقُ، فكلُّ حَديثٍ خَبَرٌ، ولا عكس، وعبَّر بالخبر؛ ليكون أشمل"(١) انتهى.
أقول: أما أشملَّيتُه -نظرًا إلى القول بالترادف- فظاهر، وأمَّا على القول بالتبايُن: فَلَأنَّه إذا اعتبر هذه الأمورَ في الخَبَر الذي هو واردٌ عن غَيْر النبيِّ ﷺ فَلَأَنْ يُعْتبَرَ ذلك فيما وَرَدَ عنه- وهو الحديث- أَوْلَى، وأما على القول بالعمومِ والخصوصِ: فَلأَنَّ الخبَرَ أعمُّ مطلقًا، وكلَّما ثبت الأخصُّ، ثبت الأعمُّ.
والحاصل: أن الحديثَ شاملٌ لما جاء عن النبيِّ ﷺ وعن الصحابة والتابعين على القَوْل الأوَّل فقطْ، وشمول الخَبَرِ على الأقوال الثلاثة؛ فو أولَى بالذِّكْر.
ثم إنه تارَةً ينقسم باعتبار نفسه؛ وقد سبَقَ، وتارةً باعتبار وُصُوله إلينا من الغَيْر؛ فهذا: إن رواه - أي: أخبر بالخَبَر، وخَصَّ بعضُهُمُ الروايَةَ بالإخبار- بعامٍّ؛ كالإخبار عن خصائص النبي ﷺ إذا القصْدُ اعتقادُ خصوصيَّتها بمن اختصَّتْ به، وهو يَعُمُّ الناس، وما في المرويِّ من أمر ونَهْيِ ونحوهما- يرجع إلى الخَبَر بتأويل؛ ﴿أَقِيُموا الصَّلاةَ﴾،