للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث، لا يُرْوَى بالسماع المتَّصِلِ إلا عن الْفَرَبْرِيّ (١)؛ بل وغالبُ الكُتُب المشهورة لا يبلُغُ فيما نعْلَمُ عَدَد رواتها عن مصنِّفيها الذي يتَّصِل الإسناد في عَصْرنا إليهم سماعًا - عَدَدَ المتواتر.

وقد يجابُ: بأن كون من عُلِمَتْ رواته دون عدد التواتر لا يستلزمُ كونَ الرواة في كل عصْرٍ أو في بعض الأعصار دون عدد التواتر؛ فكمْ من سامع مات قبل أن يُسْمَعَ منه؟! وكم من مستَمِعٍ لم يضبطْ جميعَ مَنْ سمع منه؟! بل ولا واحدٌ منهم في طبقة سَمِعَ؛ فمات ذِكْر روايته بموته؛ وهكذا في كل عصر؛ كما أجيبَ بمثله عن هذا الإيراد؛ حيث أورد على القول بتواتر القرآن الكريم بالقراءات المعروفة مع السبعة والعشرة، بل قد سمِعَ الصحيحَ من البخاريِّ -غَيْرَ الفَرَبْرِيِّ- عَدَدٌ، بعضهم يبلغ التواتر؛ غير أن الفَرَبْرِيّ تأخَّرَتْ وفاته، فعَكَفَ الناسُ على الأَخْذ عنه؛ كما صرَّح بذلك (٢)، وقد اتفق ذلك في بعض الكُتُب. "


(١) هو محمد بن يوسف بن مطر الفِرَبري، قال الذهبي: "المحدث الثقة العالم … راوي"الجامع الصحيح" عن أبي عبد الله البُخاري، سمعه منه بفَرَبْر مرتين" قال: "و فَربر" - بكسر الفاء وبفتحها، وهي من قرى بُخارى، حكى الوجهين القاضي عياض، وابن قُرْقُول، والحازمي. وقال: الفتح أشهرن وأما ابنُ ماكولا، فما ذَكر غير الفتح.
وسمع الفربري أيضًا من علي بن خشرم، وحدث عنه: الحافظ أبو علي بن السَّكن، وأبو الهيثم الكُشميهني، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي وغيرهم. قال أبو بكر السمعاني في "أماليه": "كان ثقة ورعًا" مات الفربري سنة عشرين وثلاث مئة، وقد أشرف على لاتسعين. انظر ترجمته في: "الأنساب" (٩/ ٢٦٠)، "معجم البلدان" (٤/ ٢٤٦)، "وفيات الأعيان" (٤/ ٢٩٠)، "سير أعلام النبلاء" (١٥/ ١٠) "شذرات الذهب" (٢/ ٢٨٦).
(٢) توفي الفربري لعشر بقين من شوال سنة عشرين وثلاث مئة، وقد أشرف على التسعين. قال الحافظ الذهبي: "ويُروى - ولم يصح- أن الفَربري قال: سمع "الصحيح" من البخاري تسعون ألف رجل، ما بقي أحدٌ يرويه غيري.
قلت -أي الذهبي-: قد رواه بعد الفَربري أبو طلحة منصور بن محمد البَزْدَوي النَّسَفى، وبقي إلى سنة تسع وعشرين وثلاث مئة" انتهى "سير أعلام النبلاء" (١٥/ ١٢).

<<  <   >  >>