للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما اتصالُ السنَدِ: فإنَّ البخاريَّ لا يَحْكُمُ بوَصْل المُعَنْعَنِ إلا إذا ثَبَتَ لقاءُ المُعَنْعِنِ للمُعَنْعَنِ عنه ولومرَّةً واحدةً، ومسلمٌ يكتفي في ذلك بإمكانِ اللِّقَاء (١) وأما عدالَةُ الرجال وضبْطُهُمْ: فلأنَّ البخاريَّ إنما يُخَرِّجُ حديثَ


(١) قال النووي : ومما ترجح به كتاب البخاري أن مسلمًا كان مذهبه، بل نقل الإجماع في أول صحيحه أن الإسناد المعنعن له حكم الموصول "بسمعت" بمجرد كون المُعَنِعن، والمُعَنَعَن عنه كانا في عصر واحد، وإن لم يثبت اجتماعهما، والبخاري لا يحمله على الاتصال حتى يثبت اجتماعهما، وهذا المذهب يُرجح كتاب البخاري، وإن كنا لا نحكم على مسلم بعمله في صحيحه بهذا المذهب، لكونه يجمع طرقًا كثيرة يتعذر معها وجود هذا الحكم الذي جوزه … ، الله أعلم". "شرح صحيح مسلم" (١/ ١٤).
وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" ص (١٣): "و عند التأمل يظهر أن كتاب البخاري أتقن رجالا وأشد اتصالا وبيان ذلك من وجوه … " ثم ذكر وجوه خامسها، قال: "الوجه الخامس: وذلك أن مسلمًا كان مذهبه على ما صرح به في مقدمة صحيحه وبالغ في الرد على من خالفه أن الإسناد المعنعن له حكم الاتصال إذا تعاصر المُعَنِعن، ومن عنعن عنه، وإن لم يثبت اجتماعهما إلا إن كان المُعَنعِن مدلسًا، والبخاري لا يحمل ذلك على الاتصال حتى يثبت اجتماعهما ولو مرة، وقد أظهر البخاري هذا المذهب في تاريخه، وجرى عليه في صحيحه، وأكثر منه حتى أنه ربما خرج الحديث الذي لا تعلق له بالباب جملة إلا ليبين سماع راو من شيخه لكونه قد أخرج له قبل ذلك شيئًا معنعنًا … هذا مما ترجح به كتابه، لأنا وإن سلمنا ما ذكره مسلم من الحكم بالاتصال، فلا يخفى أن شرط البخاري أوضح في الاتصال، والله أعلم".

<<  <   >  >>