يناصيه في إحاطته وتعمقه، وافتنانه، وجمعه بين العلم والأدب واللغة والشعر والنثر والفتيا والتأليف البارع في كل هذا بأساليب زاخرة بالروعة والجمال …
أخذ علمه من أبيه، ومن نفر من علماء العراق، منهم عبد العزيز الشواف، وعلي السويدي، ومحمد أمين الحلي، علاء الدين الموصلي.
وبدأ التأليف وهو ابن ثلاث عشرة عام، وكان نبوغه مثيرًا للدهشة والاستغراب، وفنصبه بعض الوجهاء مدرسًا وواعظًا وخطيبًا، وثم عُيِّن أمين الفتوى ومدرسًا وواعظًا وخطيبًا، ثم عُيِّن أمين الفتوى ومدرسًا في المدرسة القادرية، وكانت مشروطة لأعلم أهل بغداد بالكتاب والسُّنَّة، وأجازه السلطان «محمود علي» ببعض كتبه برتبة «رءوس تدريس إسلامبول»، ونُصِّب مفتي الخنفية ببغداد، ثم قلب له بعض الولاة ظهر المجن، وكاد له، وطالت أيام محنته، وساءت حاله، فرحل إلى إستنبول ليعرض أمره على السلطان «عبد المجيد»، وقدم إليه تفسيره:«روح المعاني».
فأكبره وأكرمه، وخصص له مبلغًا من بيت المال في كل عام، وبعد أن أقام في إستنبول عامين قفل إلى بغداد، ولم تصل أيامه فتوفي عن ثلاث وخمسين سنة، وهي عمر قصير، غير أنه عَرُضَت جوانبه وطالت أبعاده بإنتاجه الخصب القيم وإبداعه في هذا الإنتاج وتنويعه له من تفسير، وحديث، وفقه، وكلام، ومنطق، وجدل، ونحو، ولغة، وتاريخ، ورِحَل، وشعر، ونثر، مع اضطلاعه بالتدريس وبالإفتاء، وكان بيته مثابة طلاب العلم والأدب من أهل العلم والأدب من أهل بغداد، ومن أطرف العراق وكردستان، فتخرج به خلق كثير، وراسله العلماء، وألتف حوله الشعراء