للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد تبيَّن: أنَّ للشاذِّ ثَلاثَةَ معانٍ؛ فإنْ حُمِلَ الثقة - في كلام الشافعيِّ - على المقبول -: تناوَلَ العَدْلَ التامَّ الضَّبْطِ، والذي قَصُرَ ضبطه، والصدوقَ، وإن حُمِلَ على التامِّ ضبْطُهُ، أفْهَمَ شذوذَ مخالفةِ راوي الحسن بطريقٍ أَوْلَى:

مثالُ المخالفة في الإسناد: ما رواه الحاكمُ، وصحَّحه والترمذي، وابن ماجه، والنَّسَائي - من طريق ابن عيينة -: "أنَّ رجلا تُوُفِّيَ عَلَى عَهْدِ رسولِ الله ولم يَدَعْ وارثًا إلا مولَى هو أعتَقَهُ، قال النبيُّ : "هَلْ لَهُ أَحَدٌ" قَالُوا: لا، إلا غُلامٌ كَانَ أَعْتَقَهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ مِيَراثَهُ لَهُ" (١)؛ رواه ابن عُيَيْنَةَ، عن عمرو بن دِينَار، عن عَوْسَجَةَ، عن ابن عباس - موصولا - وتابعه ابن جُرَيْج وغيره، ورواه حَمَّاد بن زَيْد، عن عمرو، عن عَوْسَجَةَ، ولم يذكر ابْنَ عباس، وقال أبو حاتم: "المحفوظُ: حديثُ ابن عيينة، وتابعه محمَّد بن مُسْلِم، وقصر حَمَّاد بن زيد" انتهى؛ فحمَّاد: من أهل العدالة والضبطِ، ومع ذلك: رجَّحَ أبو حاتم مَنْ هو أكْثَرُ عددًا منه.

فإن قلتَ: قلَّةُ الوسائطِ أعلَى وأرجَحُ - كما تقدَّم - فكيفَ رجَّحَ أبو حاتم روايةَ من هو أكْثَرُ عددًا؟


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٢١، ٣٥٨)، والحميدي (٥٢٣)، وأبو داود (٢٩٠٥)، والترمذي ٢١٠٦)، والنسائي في "الكبرى" (٦٣٢٦ - تحفة) وابن ماجه (٢٧٤١) والحاكم في "المستدرك" (٤/ ٣٨٥).
كلهم من طرق عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس به.
وقال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، إلا أن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة روياه عن عمرو بن دينار عن عوسجة مولى ابن عباس، عن ابن عباس، وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم، ورواه حماد بن سلمة، وابن عيينة عن عمرو فقال: عن عوسجة بدل عكرمة.

<<  <   >  >>