وأما الدعوة السُّنية السلفية؛ التي هي المظهر الصحيح للعقائد السُّنية قبل أن تغشاها التحريفات والبدع، فقد كانت خلفها قوة عربية صغيرة في أواسط جزيرة العرب، بدأ ظهورها في أواخر الربع الأول من هذا القرن الرابع عشر الهجري، وهي تحاول استعادة سلطان سياسي كبير ذاهب.
وكان قد أوجد هذا السلطان محمد بن عبد الوهاب وآل سعود في القرن الثاني عشر، فهز جوانب الدولة العثمانية هزًّا كان يفقدها زعامة العالم الإسلامي، فاستعدت عليه «محمد علي» مؤسس الأسرة الخديوية الألبانية بمصر؛ فسارع إلى نجدتها، ونهد بجيوشه إلى جزيرة العرب، وحارب العرب بأسلحة جديدة فتاكة من أسلحة الغرب لم يألفوها، فغلبهم، وأزال سلطانهم، وأخمد اليقظة العربية الإسلامية المتحررة في عقر ديارها حينًا طويلًا من الدهر.
لذلك ما كادت تنجم ناجمتها ثانية في هذا القرن الرابع عشر الهجري حتى عاود الأتراك الخوف الشديد من استفحالها، فبادروها بحربين لإفسادها والقضاء عليها؛ القتال، والدعاية.
وقد قامت حرب الدعاية على تأليف الكتب والرسائل في تشويه صورة الإصلاح الديني الذي تتبناه …
وقد اعترف بعض من كتب الرسائل في مهاجمة الدعوة السلفية أنه كتبها سياسة لا تدينًا، أو ما هذا معناه.
وقد قوبلت هذه الكتب والرسائل بردود كثيرة من علماء نجد والعراق والشام ومصر والهند أوحت إليهم بها الدراسات العلمية الحرة لا السياسات العابثة بالعقول … فكانت هذه الحركة وما نتج عنها من آثار قيمة من أكبر