للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفَرْقُ بينه وبَيْنَ المعَّلل السابق، أنَّ ذلك شرطهٌ ترجيحُ جانبِ العلَّة؛ فلذلك أسقَطَ علَّته للاحتجاجِ به، وهذا موضوعٌ لما يظهرٌ فيه ترجيحٌ؛ كما تقرَّر.

و اعلم أنَّ الإبدال قد يكونُ للغَلَطِ، وحكمهٌ حُكْمُ المقلوبِ أو المعَّلل، وقد يكونُ بقَصْد الإغراب، وحكمهُ حكمُ الموضُوع؛ يَقْدَحُ في فاعله، ويوجبُ رَدَّ حديثه، وقد يكونُ لقصْدِ الامتحان:

مثال الغَلَط. ما رواه يعلى بْنُ عُبَيْد، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن مقسم، عن ابن عباس، قال سَاقَ النَّبِيُّ ، مِائَةَ بَدَنَةٍ فِيهَا جَمَلٌ لأِبِي جَهْلٍ" (١)؛ قال ابن أبي حاتم. "سَأَلْتُ أبا زرعة عنْهُ فقال: هذا خطأ، إنما هو عن الثوْريِّ، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، والخطأ فيه من يعلى بن عُبَيْد" (٢).

ومثاله لقصد الإغراب: حديثُ أبي هريرة المرفُوعُ: "إذَا لَقِيتُمُ المُشْركِيِنَ في طَرِيقٍ، فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ" رواه مسلم في "صحيحه" من رواية شُعْبة، والثوريَّ، وجرير بْنِ عبد الحميد، وعبد العزيز بْنِ محمَّد الدَراورْدِي، كُلُّهم عن سُهَيْل بن أبي سُهَيْل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، ورواه حَمَّاد بن عمرو النصيبي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة (٣).

ومثال الإبدال لقَصْدِ امتحانِ حِفْظِ الشيخِ وفَهْمِهِ: كما فُعِلَ مع البخاريِّ، والعُقَيْلِيِّ، وغيرهما (٤)، ويفعلونه أهْلُ الحديث كثيرًا.


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٤) وابن ماجة (٣٠٧٦، ٣١٠٠) من طريق سفيان عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس به.
(٢) "علل ابن أبي حاتم" (١/ ٢٩٥).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدمت قصة امتحان أهل بغداد للبخاري، وانظر حول امتحان الشيوخ "فتح المغيث" للسخاوي (١/ ٢٧٤).

<<  <   >  >>