فقد حاول أبوه وشيخه الأول أن يغرس فيه كل ما يعتقد أنه صواب وحق من علوم آداب وميل إلى الكتابة والتأليف، ومن زهد وسمت، وحتى التصوف الذي عمق جذوره فيه تعميقًا لم يتخلص منه إلا بمشقة ولولا لطف الله ﷿ ثم ما كان يتمتع به أبو المعالي من عقلية وقادة.
وقد توفي والده حين بلغ أبو المعالي سن الثامنة عشرة، وورث من أبيه فقه النفس وحسن السمت، وصفاء الطوية، وحب الأدب والعلم، والقرطاس والقلم. (١)
- أما شيخه الثاني بعد وفاة أبيه فعمه العلامة السلفي الكبير نعمان خير الدين أبو البركات فكان بركة عليه، حيث عنى بتهذيبه وتعليمه عناية أبيه به فكان له خير عزاء فيه … على ما كان من الاختلاف بينهما في المذهب والمشرب.
فالأول: مقلد غارق في التصوف.
والثاني: لا يعمل شيئًا إلا بدليل من كتاب أو سُنَّة، ويحارب التصوف ويعتبره دخيلًا على الإسلام.
ولكن الشاب المتأثر بالعقيدة الخلفية، والمتشبع بالروح الصوفية الموروثة له من أبيه وأستاذه الأول لم يستطع ملازمة دروس عمه الذي كان يحارب الخزعبلات الصوفية والمذاهب التقليدية، فصرفه التعصب عن عمه إلى غيره.
لكنه على كل حال فارقه وقد تزعزعت ثقته بالتقليد والتصوف من غير