قال العراقي:"الصوابُ أنَّ من أدرك قصَّة - وإن لم يُعْلَمْ أنه شاهدَهَا مع السلامة من التدليس - يُحْكَمُ له بالوصل، سواءٌ رُوَى ب"قال" أو "عَنْ" أو ب"أنَّ" أو ب "ذَكَرَ" أو "فَعَلَ" أو نَحْوِ ذلك؛ فكلُّها سواءٌ في أنه يُحْكَمُ له بالوصل، صحابيًّا كان راويه أو تابعيًّا،، ومن لم يدركْ ذلك، فهو مرسَلُ، صحابيًّا أو تابعي أو منقطع إن لم يسنده إلى من رواه عنه؛ وإلا فمتصلٌ روى ب "عَنْ" أو بغيرها؛ وهذه قاعدةٌ يعمل بها"(١) انتهى. مع بعض توضيح لكلامه.
و أشار المصنِّفُ إلى ما يُقْبَلُ من العنعنة، وما لا يُقْبَلُ؛ فقال:"و عَنْعَنَةُ المُعَاصِرِ مَحْمولَةٌ عَلَى السَّمَاع إلا مِنْ المُدَلِّسِ، سَوَاءٌ عُلِمَ اللِّقَاءُ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ وإليه ذَهَبَ مسلم؛ بل قد أَنْكَرَ اشتراط اللقاء، وادعى أنه قولٌ مخترعٌ ولم يُسْبَقْ قائلُهُ إليه، وأن القَوْل، الشائع الُمَّتفَقَ عليه بين أهْل العلْمِ بالأخبار: ما ذهَبَ هو إليه.
و العنعنَةُ: مصدَرُ "عَنْعَنَ الحديثَ": إذا رواه ب "عَنْ" من غير بيانٍ للتحديثِ، أو الإخبار، أو السماع.
و لاختبار المصنِّف القولَ المشهورَ: عَبَّر عن القوْل باشتراطِ اللقاءِ بصيغة التَّمريض، فقال: "و قِيلَ: يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ لِقَائِهِ، ولو مَرَّةً، وهو المُخْتَارُ عِنْدَ المُصَنِّفِ" أي: صاحبِ الأَصْل، وهو الشيخُ الحافظ ابن حَجَرٍ العسقلانيُّ فقد صحَّحه جمهورُ المحدِّثين وغيرهم؛ وعليه البخاريُّ، واحتجُّوا لذلك بأنه لو لَمْ يسمعْهُ منه، لكان بعدم ذِكْره الواسطة بينهما مُدَلِّسًا، والكلام فيمَنْ لم يُعْرَفْ بالتدليسِ، والظنُّ السلامةُ منه.
و قال بعض المحدِّثين يُشَتَرطُ طولُ الصُّحْبة، وقيل غير ذلك، مما هو مردودٌ في المطوَّلات.