للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨)} [التوبة: ٢٨]

[٣٦] قال الحسين بن الفضل: (هذه نجاسة الحكم لا نجاسة العين، فسموا نجساً على الذم).

الكشف والبيان ص: ١١٦ (١)

[الدراسة]

أصل الحكم في اللغة: المنع، والحُكْم بالشيء أن تقضي بأنه كذا وليس بكذا سواءٌ ألزمت ذلك غيرك أو لم تلزمه. (٢)

واصطلاحاً: إثبات أمر لأمر، أو نفيه ... عنه مثل زيد قائم وعمرو ليس بقائم. (٣)

قال الفراء: لا تكاد العرب تقول نَجِس إلا وقبلها رِجْس، فإذا أفردوها قالوا: نَجَس لا غير، ولا يجمع ولا يؤنث. (٤)

ويقال امرأة نَجَس ورجال نَجَس ونسوة نَجَس. (٥)

وقال أبو عبيدة: "متحرك الحروف بالفتحة، ومجازه: قذر وكل نَتْنٍ وَطفَسٍ نَجَسٌ". (٦)

وقال الزجاج: "يقال لكل مُستَقْذرٍ نَجَسٌ فإذا ذكرت الرجِسَ قلت: هو رِجْس نَجِسٌ ". (٧)

ووُصف المشركون بأنهم نجس لأنهم يجنبون ولا يغتسلون، روي ذلك عند قتادة (٨).

وقال ابن عباس وغيره: بل معنى الشرك هو الذي نجسه. (٩) وأيُّ نجاسة أبلغ ممِّن يعبد مع الله آلهة أخرى. (١٠)

قال الزمخشري: " ومعناه ذو نجس؛ لأنَّ معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس، ولأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات، فهي ملابسة لهم، أو جُعلوا كأنهم النجاسة بعينها، مبالغةً في وصفهم بها ". (١١)

وذهب الحسن إلى أن من صافح مشركاً فليتوضأ (١٢).

وقد استدل بالآية من قال بأن المشرك نجس الذات كما ذهب إليه بعض الظاهرية والزيدية (١٣)، وذهب الجمهور من السلف والخلف، ومنهم أهل المذاهب الأربعة إلى أن الكافر ليس بنجس الذات؛ لأنَّ الله سبحانه أحلَّ طعامهم وورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أكل في آنيتهم وشرب منها وتوضأ فيها وأنزلهم في مسجده وهذا يفيد عدم نجاسة ذواتهم (١٤).


(١) ت: جمال بن أحمد ربعين، ج: أم القرى.
(٢) ينظر: المفردات ص: ١٣٤.
(٣) ينظر: مذكرة الشنقيطي ص: ١٠.
(٤) معاني القرآن ١/ ٤٣٠ وينظر: تفسير البغوي ٢/ ٢٦٦ - ٢٦٧.
(٥) ينظر: العين ٤/ ١٩٣ وتهذيب اللغة ٤/ ٣٥٢٠ وفتح القدير ٢/ ٤٤١.
(٦) مجاز القرآن ١/ ٢٥٥.
(٧) معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٤٤١.
(٨) رواه عنه الطبري في تفسيره ١٠/ ١٢٠ وابن أبي حاتم عنه في تفسيره ٦/ ١٧٧٥ ولم يذكرا الاغتسال، وينظر: تفسير البغوي ٢/ ٢٦٧.
(٩) المحرر الوجيز ٣/ ٢٠، وينظر: تفسير القرطبي ٨/ ٩٥.
(١٠) ينظر: تفسير السعدي ص: ٣٣٣.
(١١) الكشاف ٢/ ٢٦١.
(١٢) ينظر: المحرر الوجيز ٣/ ٢٠ والكشاف ٢/ ٢٦١ وتفسير القرطبي ٨/ ٩٥ والبحر المحيط ٥/ ٢٩ وفتح القدير ٢/ ٢٤٤.
(١٣) الزيدية هم صنف من أصناف الشيعة وإنما سمُّوا (زيدية) لتمسكهم بقول (زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة، ولم يجوزوا ثبوت إمامة في غيرهم، وهم ست فرق. ينظر: مقالات الإسلاميين ١/ ١٣٦ والملل والنحل حاشية الفصل في الملل والأهواء والنحل ١/ ٢٠٧.
(١٤) فتح القدير (بتصرف) ٢/ ٢٤٤.

<<  <   >  >>