للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أهل المعاني: (فيه إضمار واختصار معناه: قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء أم تجعل فيها من لا يفسد فيها ولا يسفك الدماء كقوله عزَّ وجل: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} [الزمر: ٩] يعني كمن هو غير قائم وهو اختيارالحسين بن الفضل ـ رحمه الله ـ.

فاستشهد بالآية الأخرى على أسلوب الخطاب، وعلى وجود المعادل.

المبحث الثاني

منهجه في تفسير القرآن بالسنة

من المعلوم أن السنة هي الأصل الثاني الذي يجب الرجوع إليه، والتعويل عليه بعد كتاب الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فهي توضح القرآن، وتبين المراد منه، تفصِّل مجمله، وتقيِّد مطلقه، وتخصِّص عمومه كما قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤].

وقد فسَّر الحسين ـ رحمه الله ـ بهذا النوع أكثر من أربع آيات في القرآن، ويلحظ عليها ما يلي:

١ - أنه يذكر الحديث دون ذكر السند.

٢ - قد يحكم على الخبر.

وهو في ذلك مُقلٌّ من إيراد الأحاديث في تفسيراته وهذه أهم ملاحظة تحت هذا المبحث، وسأعرض أمثلة تبين ما ذكرناه.

أ - في قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ١].

قال ابن عباس: " هما اسمان رقيقان أحدهما أرقُّ من الآخر أي أكثر رحمةً ".

وقال الحسين بن الفضل البجلي: (هذا وهم من الراوي، لأن الرقة ليست من صفات الله تعالى في شيء، وإنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر، والرفق من صفات الله ـ عزَّ وجلَّ ـ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف).

فهنا استشهد الحسين بالحديث في تصحيح القول المنسوب لابن عباس.

ب - في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ١٣٥].

<<  <   >  >>