للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: ٣٨].

[٨٧] وأما الجامع بين قوله عزَّ وجلَّ {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [العنكبوت: ١٣] ... {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكوب: ١٣] فهو ما قال الحسين بن الفضل ({أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} طوعاً {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} كرهاً.

الكشف والبيان ٢/ ٣٧٣ (١)

[الدراسة]

في معنى قوله تعالى {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أي كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو بشيء من الذنوب فإنما الإثم عليها لا يحمله عنها أحد كما قال تعالى {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [فاطر: ١٨] (٢)

فإن قيل: ما وجه تحمُّلهم بعض أوزار غيرهم المنصوص عليها بقوله {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: ٢٥] وقوله {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} مع أن الله تعالى يقول: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ويقول {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} إلى غير ذلك من الآيات.

فالجواب ـ والله أعلم ـ أن رؤساء الضلال وقادتهم تحملوا وزرين، أحدهما: وزر ضلال أنفسهم.

والثاني: وزر إضلالهم غيرهم؛ لأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً، وإنما أخذ بعمل غيره لأنه هو الذي سنَّه وتسبب فيه، فعوقب عليه من هذه الجهة لأنه من فعله، فصار إذن غير مناف لقوله: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٣)


(١) ت: فريدة الغامدي، ج: أم القرى.
(٢) ينظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٢٥٨.
(٣) ينظر في الجواب: أضواء البيان ٣/ ٢٣٣.

<<  <   >  >>