للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الجاثية]

قال تعالى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَّكَرُونَ} [الجاثية: ٢٣]

[[٧٧] قال الحسين بن الفضل: (في هذه الآية تقديم وتأخير، مجازها: أفرأيت من اتخذ هواه إلهه).]

الكشف والبيان للثعلبي (١) / ٣٦٢ (٢)

[الدراسة]

تقدم ذكر معنى قوله (مجازه).

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} فقال بعضهم: معنى ذلك أفرأيت من اتخذ دينه بهواه، فلا يهوى شيئاً إلا ركبه؛ لأنه لا يؤمن بالله، ولا يحرم ما حرم، ولا يحلل ما حلَّل، إنما دينه ما هويت نفسه يعمل به، وروى هذا المعنى ابن عباس وقتادة (٣)

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أفرأيت من اتخذ معبوده ما هويت عبادته نفسه من شيء، فقال سعيد بن جبير: كانت قريش تعبد العزى، وهو حجر أبيض، حيناً من الدهر، فإذا وجدوا ما هو أحسن منه طرحوا الأول وعبدوا الآخر فأنزل الله {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (٤).

ورجحه ابن جرير في تفسيره وقال: لأن ذلك هو الظاهر من معناه دون غيره (٥)

قال ابن كثير: " أي إنما يأتمر بهواه، فمهما رآه حسناً فعله ومهما رآه قبيحاً تركه .. " (٦)

وإيضاح أقوال العلماء المذكورة في هذه الآية (٧) أن الواجب الذي يلزم العمل به، هو أن تكون جميع أفعال المكلف مطابقة لما أمر به معبوده جلَّ وعلا، فإذا كانت جميع أفعاله تابعة لما يهواه، فقد صرف ما يستحقه عليه خالقه من العبادة والطاعة إلى هواه، وإذن فكونه اتخذ إلهه هواه في غاية الوضوح (٨).


(١) وافقه القرطبي في تفسيره ١٦/ ١٤٤.
(٢) ت: ابن عاشور.
(٣) رواه عن قتادة عبد الرازق في تفسيره ٣/ ٢١٢ ورواه عنهما ابن جرير في تفسيره ٢٥/ ١٧٦ و ابن أبي حاتم عن ابن عباس في تفسيره ١٠/ ٣٢٩١.
(٤) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ٢٥/ ١٧٦ وينظر: معاني القرآن للنحاس ٦/ ٤٢٧.
(٥) ينظر في هذا وفيما سبق: تفسير ابن جرير ٢٥/ ١٧٦.
(٦) تفسيره ٤/ ١٥٠.
(٧) للاستزادة: يراجع: الدر المنثور ٧/ ٤٢٦.
(٨) أضواء البيان ٦/ ٣٣٠.

<<  <   >  >>