للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الفلق]

قال تعالى {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: ٥]

[١٠٨] قال الحسين بن الفضل: (جمع الله الشرور في هذه السورة وختمها بالحسد ليُعلم أنَّه أخسُّ الطبائع).

الكشف والبيان للثعلبي (١) / ٥٨٩ (٢)

[الدراسة]

أمر الله تعالى نبيه بأن يستعيذ برب الفلق من شر ما خلق

ومن شر الليل إذا دخل ومن شر السواحر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد، والحسد هو: تمنِّي زوال نعمة من مستحقٍّ لها. وربما كان مع ذلك سعيٌ في إزالتها (٣) وذكر القرطبي أنه تمنَّى زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها. (٤)

وقد ذكر الله تعالى في هذه السورة العظيمة أنواع الشرور عموماً، ثمَّ خصَّ الليل إذا دخل وغشى الدنيا بظلامه، والسحر الخفي الذي لا يُعلم، والحاسد إذا حسد والعائن كذلك يعين في خفاء مع أن هذه الثلاثة داخلة في قوله تعالى {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.

قال الزمخشري: في قوله {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} "تعميمٌ، أي كلُّ ما يستعاذ منه، فما معنى الاستعاذة بعده من الغاسق والنفاثات والحاسد؟ قلتُ: قد خص شر هؤلاء من كل شر لخفاء أمره، وأنه يلحق الإنسان من حيث لا يعلم، كأنما يغتال به" (٥).

وقال القرطبي: "هذه سورة دالةٌ على أن الله سبحانه خالق كل شر، وأمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يتعوَّذ من جميع الشرور، فقال {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} وجعل خاتمة ذلك الحسد، تنبيهاً على عظمه، وكثرة ضرره، والحاسد عدوُّ نعمة الله " (٦).

قال الشوكاني: " ذكر الله سبحانه في هذه السورة إرشاد رسوله -صلى الله عليه وسلم- إلى الاستعاذة من شر كل مخلوقاته على العموم، ثم ذكر بعض الشرور على الخصوص مع اندراجه تحت العموم لزيادة شره ومزيد ضره، وهو الفاسق والنفاثات والحاسد، فكان هؤلاء لما فيهم من مزيد الشر حقيقون بإفراد كل واحد منهم بالذكر " (٧).

والحسد هو شرٌ مذموم، وهو من أقبح الصفات وأول ذنب عصي الله به، قال القرطبيُّ: " والحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عُصىَ به في الأرض، فحسد إبليسُ آدمَ وحسد قابيلُ هابيلَ، و الحاسد ممقوت مبغوض مطرود ملعون ". (٨)


(١) وافقه ابن عطية في المحرر الوجيز ٥/ ٥٣٩.
(٢) ت: أحمد بن محمد البريدي، ج: أم القرى.
(٣) المفردات ص: ١٢٥.
(٤) ينظر: تفسيره ٢٠/ ٢٤٠.
(٥) الكشاف ٤/ ٨٢٢ وينظر نفس المصدر في سبب تعريف النفاثات وتنكير (غاسق وحاسد).
(٦) تفسيره ٢٠/ ٢٤٠.
(٧) فتح القدير ٥/ ٦٦٧.
(٨) تفسيره ٢٠/ ٢٤٠ وقد ذكر ابن القيم فوائد تتعلق بالحسد ينظر: التفسير القيِّم ص: ٥٧٣/ ٥٩٤ فلتراجع.

<<  <   >  >>