للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي قول الحسين بن الفضل هو الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء فواضح.

فالأولية مطلقة، ولا نهاية لآخريته سبحانه وتعالى.

وأما قوله (والظاهر بلا اقتراب) فلعل المعنى أنه عالٍ على كل شيء ولكنه معنا بعلمه بلا اقتراب منا بذاته.

(والظهر خلاف البطن، والظاهر هو خلاف الباطن، والظهير: المعين، ومنه قوله تعالى {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: ٤] وَظهَر الشيء بالفتح ظُهُوراً: تبيَّن. وظهرتُ على الرجل: غلبته، وظهرت البيت: علوته) (١)

وقوله (الباطن بلا احتجاب)

البطن: خلاف الظهر وهو مذكر، وِبطانَةُ الثوب: خلاف ظِهارته، وبطنتُ الوادي دخلته وبطنتُ هذا الأمر عرفت باطنه، وبطانة الرجل وليجَتُهُ (٢)

وقد يحمل على أنه سبحانه لا يخفى عليه شيء، مطلع على كل شيء ولو لم يره خلقه.

وفي شرح العقيدة الواسطية: " (والباطن) أي الذي ليس دونه شيء، كما فَّسره الرسول -صلى الله عليه وسلم-: بطن سبحانه بعلمه فلا يحجبه شيء " (٣)

ولكنِّي أرى أنه من الأفضل عدم إطلاق مثل هذه العبارات أعني بها عبارات الحسين بن الفضل حتى ولو كانت صحيحة ذلك لأنها تُعبِّد طرقاً كثيرة وتفتح أبواباً عديدة لأهل الزيغ والانحراف، فمثل هذه الألفاظ حمَّالة؛ فقد يُفهم منها معنى بحين يفهم منها الآخر معنى ثانياً - والله أعلم -.

قال تعالى {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لحديد: ٢٣]

[٩٤] قال الحسين بن الفضل: (حمد (٤) الله المؤمنين بهذه الآية على مضض (٥) الصبر على الفائت وترك الفرح بالآتي والرضا بقضائه تعالى في الحالين جميعاً).

الكشف والبيان ٢/ ٣٠٠ (٦)


(١) ينظر: الصحاح: (ظهر).
(٢) المصدر السابق (بطن).
(٣) للشيخ العلامة عبد العزيز بن رشيد المسمى بالتنبيهات السنية ص: ٥٥.
(٤) في الكشف والبيان، ت: أبي محمد عاشور، دار ٩/ ٢٤٦. (حمل) باللام لا بالدال ولعلها أصح.
(٥) أمضَّني الأمر، أي: بلغ مني المشقة، ومَضِضت منه، وكذلك الهم: يُمِضُّ القلبَ أي يُحرِقه. ينظر: العين ٤/ ١٤٨.
(٦) ت: هبة الله بنت صادق أبو عرب، ج: أم القرى.

<<  <   >  >>