للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الفتح]

قال تعالى {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: ٢٧]

[٨١] قال الحسين بن الفضل: (يجوز أن يكون الاستثناء من الدخول، لأن بين ... الرؤيا وتصديقها سنة، ومات منهم في السنة أناس، فمجاز الآية: لتدخلنَّ المسجد الحرام كلكم إن شاء الله آمنين).

الكشف والبيان للثعلبي (١) / ٦٤ (٢)

[الدراسة]

قال الحافظ ابن كثير: " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رأى في المنام أنه دخل مكة وطاف بالبيت، فأخبر أصحابه بذلك، وهو بالمدينة، فلما ساروا عام الحديبية لم يشكَّ جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام، فلما وقع ما وقع من قضية الصلح ورجعوا عامهم ذلك على أن يعودوا من قابل، وقع في نفس بعض الصحابة - رضي الله عنهم - من ذلك شئٌ. حتى سأل عمر بن الخطاب ـ -رضي الله عنه- ـ في ذلك فقال له فيما قال: "أفلم تكن تخبرنا أنَّا سنأتي البيت ونطوف به؟ " قال: بلى أفأخبرك أنك تأتيه عامك هذا؟ قال: لا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (فإنك آتيه ومطوِّفٌ به) وبهذا أجاب الصديق -رضي الله عنه- أيضا حذو القذَّة بالقذَّة، ولهذا قال تبارك وتعالى {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} (٣)

واختلف الناس في معنى الاستثناء في هذه الآية.

فقال الزجاج: " يخرج على وجهين: أحدهما لتدخُلُنَّ إن أمركم الله، ويجوز وهو حسن أن يكون (إن شاء الله) جرى على ما أمر الله به في كل ما يُفعلُ مُتَوَقَّعاً فقال {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤]


(١) وافقه البغوي في تفسيره ٤/ ١٩٠. ونسب نحوه القرطبي في تفسيره ١٦/ ٢٤٦ وأبو حيان في البحر المحيط ٨/ ١٠٠ مختصراً.
(٢) ت: ابن عاشور.
(٣) تفسيره ٤/ ٢٠١ ويراجع: فتح الباري ٥/ ٤١٢ - ٤٤٣.

<<  <   >  >>