للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)} [الصافات: ١٠٧]

[٦٧] قال الحسين بن الفصل: (لأنه كان من عند الله عزّ وجلّ).

الكشف والبيان للثعلبي (١) / ١٠٠ (٢).

[الدراسة]

فدى الله تعالى ذكره – ابن خليله إبراهيم -عليه السلام- بذبحٍ، (والذبح بكسر الذال: الشيءُ الذي يُذبح). (٣) ووصفه بأنه عظيم.

قال الجوهري: " عَظُمَ الشيء عِظَمَا: كَبُرَ فهو عظيم " (٤).

وقال النحاس: " العظيم في اللغة: يكون للكبير والشريف، وأهل التفسير على أنه ههنا للشريف، أي المتقبل ". (٥)

وروي عن مجاهد: العظيم: المتقبل. (٦)

وقال ابن عباس وسعيد بن جبير: لأنه رعى في الجنة أربعين خريفاً. (٧)

وقال الحسن: لأنه ذبح على دين إبراهيم وسننه. (٨)

وقال القرطبي: " (عظيم) أي عظيم القدر ولم يرد عظيم الجثة، وإنما عظم قدره لأنه فدى به الذبيح، أو لأنه متقبَّل .. " (٩)

وقال ابن عاشور: " بمعنى شرف قدر هذا الذِّبح، وهو أن الله فدى به ابن رسولٍ، وأبقى به من سيكون رسولاً فعِظمه بعظم أثره، ولأنه سخره الله لإبراهيم في ذلك الوقت وذلك المكان " (١٠) وقيل غير ذلك. (١١)

وذهب الحسين إلى وصفه بعظيم؛ لأنه من عند الله جل ثناؤه، وهذا من باب الوصف المعنوي فهو عظيم من جهة القدر، فاكتسب العظمة من كونه مصدر مجيئه من عند الله سبحانه وتعالى، وأظنه معنى وجيه في بيان الوصف، ولكنه ـ والله أعلم ـ ليس السبب الوحيد في تخصيص الوصف.

وذكر الزمخشري في (عظيم) أنه ضخم الجثة سمين وهي السنة في الأضاحي .. (١٢)

وعلى كل حال فلم يكن بودي أن أسرد الأقوال في معنى (عظيم)؛ لأن الله تعالى عمَّ وصفه دون تخصيص، فيفهم كما عمَّ – سبحانه وتعالى – ولكني اضطررت لذلك من أجل إتمام دراسة هذا القول، والحمد لله الذي لم يرتِّب على معرفة المراد من الوصف مقصداً مهمَّاً في الدين، ولو كان كذلك لحدده جلَّ وعزَّ.


(١) وافقه البغوي في تفسيره ٣/ ٦٦٩ وابن عطية في المحرر الوجيز ٤/ ٤٨٢ وأبو حيان في البحر المحيط ٧/ ٣٥٦ والآلوسي في روح المعاني ٢٣/ ١٣٢.
(٢) ت: ساعد بن سعيد الصانع، ج: أم القرى.
(٣) ما بين القوسين من معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٣١١.
(٤) الصحاح (عظم).
(٥) معاني القرآن ٦/ ٥٢.
(٦) رواه عنه عبد الرزاق في تفسيره ٣/ ١٥٣ وابن جرير في تفسيره ٢٣/ ١٠٤ وينظر: تفسير مجاهد ٢/ ٥٤٥ ومعاني القرآن للفراء ٢/ ٣٩٠ وبه فسّر الثوري (عظيم) في تفسيره ص: ٢٥٣.
(٧) رواه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ابن جرير في تفسيره ٢٣/ ١٠٤. وينظر: المحرر الوجيز ٤/ ٤٨٢، وزاد المسير ٧/ ٧٧ والبحر المحيط ٦/ ٣٥٦ وروح المعاني ٢٣/ ١٣٢ ورواه ابن أبي حاتم عن علي -رضي الله عنه- في تفسيره ١٠/ ٣٢٢٤.
(٨) روى عنه نحوه ابن جرير في تفسيره ٢٣/ ١٠٤/ ١٠٥، وينظر: زاد المسير ٧/ ٧٨ وروح المعاني ٢٣/ ١٣٢.
(٩) تفسيره ١٥/ ٩٥.
(١٠) التحرير والتنوير ٢٣/ ٦٨.
(١١) ينظر: تفسير البغوي ٣/ ٦٦٩، والمحرر الوجيز ٤/ ٤٨٢، وزاد المسير ٧/ ٧٨.
(١٢) الكشاف ٤/ ٥٥ وينظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٩٦.

<<  <   >  >>