للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة فاطر]

قال تعالى {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: ٨]

[٦٥] قال الحسين بن الفضل: (فيه تقديم وتأخير، مجازه: أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء) الكشف والبيان للثعلبي (١) / ٩٩ (٢)

[الدراسة]

قوله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا}

استفهام، تدل الصناعة النحوية على تقدير محذوف، وبحسب الأدلة يتعدد هذا التقدير، فيحتمل ثلاثة أمور:

أحدها: تقدير ذهبت نفسك عليهم حسرات، فحذف الخبر لدلالة (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) (٣).

قاله الكسائي، وقال: وهذا كلام عربي ظريف لا يعرفه إلا القليل. (٤)

وقال النحاس: " والذي قاله الكسائي أحسن ما قيل في الآية لما ذكره من الدلالة على المحذوف، والمعنى أن الله جلَّ وعزَّ نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن شدة الاغتمام بهم والحزن عليهم كما قال عز وجل {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الشعراء: ٣] (٥)

قال الطبري: " يقول تعالى ذكره: أفمن حسَّن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر به، وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان، فرآه حسناً، فحسب سيئ ذلك حسناً، وظن أن قُبحه جميل لتزيين الشيطان ذلك له، ذهبت نفسك عليهم حسرات، وحذف من الكلام: ذهبت نفسك عليهم حسرات، اكتفاء بدلالة قوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} منه ". (٦)

ثانيها: كمن هداه الله فحذف، لدلالة قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (٧).


(١) وافقه البغوي في تفسيره ٣/ ٦١٧ والقرطبي في تفسيره ١٤/ ٢٨٤.
(٢) ت: ابن عاشور.
(٣) ينظر: البرهان في علوم القرآن ٣/ ١١٣ وزاد المسير ٦/ ٤٧٥.
(٤) ينظر: إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٢٤٦ وتفسير القرطبي ١٤/ ٢٨٤، وفتح القدير ٤/ ٤١٩ ـ ٤٢٠.
(٥) إعراب القرآن ٣/ ٢٤٦.
(٦) تفسيره ٢٢/ ١٤٠.
(٧) ينظر: معاني القرآن للنحاس ٥/ ٤٣٨ والبرهان في علوم القرآن ٣/ ١١٣ وتفسير السمعاني ٤/ ٣٤٧. وتفسير البغوي ٣/ ٦١٧ والمحرر الوجيز ٤/ ٤٣٠ وزاد المسير ٦/ ٤٧٥ وتفسير القرطبي ١٤/ ٢٨٤ وتفسير الجلالين ١/ ٥٧٢،

<<  <   >  >>