للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الزخرف]

قال تعالى {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} [الزخرف: ٥٥]

[[٧٦] قال الحسين بن الفضل: (خالفونا)]

الكشف والبيان ٨/ ٣٣٨ (١).

[الدراسة]

لـ (الأسف) في اللغة معنيان:

الأسف بمعنى الحزن، مثل قوله تعالى {وَقَالَ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ} [يوسف: ٨٤] ويطلق الأسف على الغضب، والمعنى الأول ممتنع في حق الله عَزّ وجلّ والثاني مثبت لله؛ لأن الله تعالى وصف به نفسه، فقال {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} (٢).

وفي لسان العرب الأسف هو المبالغة في الحزن والغضب (٣)

روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى (آسفونا) أسخطونا (٤) وروي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم (٥) {فَلَمَّا آسَفُونَا} أغضبونا. والتفسيران متقاربان، وقد ذهب إلى هذا المعنى في {آسَفُونَا} جمع من المفسرين كأبي عبيدة (٦) والفراء (٧) والنحاس (٨) والزجاج (٩) والبغوي (١٠) وابن كثير (١١) والشنقيطي (١٢) والسعدي (١٣).


(١) ت: ابن عاشور.
(٢) ينظر: شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ١/ ٢٧١ ويراجع: مشارق الأنوار للقاضي عياض ١/ ٤٩ ولسان العرب (أسف).
(٣) ينظر: مادة (أسف).
(٤) كتاب (التفسير) سورة حم الزخرف، ص: ٨٥١ ورواه عبد الرازق عن قتادة في تفسيره ٣/ ١٩٧.
(٥) رواه عنهم ابن جرير في تفسير ٢٥/ ٩٩/ ١٠٠ ورواه ابن أبى حاتم عن ابن عباس في تفسيره ١٠/ ٣٢٨٤.
(٦) ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٠٥.
(٧) ينظر: معاني القرآن ٣/ ٣٥.
(٨) ينظر: إعراب القرآن ٤/ ٧٦.
(٩) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٤١٦.
(١٠) ينظر: تفسيره ٤/ ١٠٣.
(١١) ينظر: تفسيره ٤/ ١٣٠.
(١٢) ينظر: أضواء البيان ٧/ ٢٥٦.
(١٣) ينظر: تفسيره ص: ٧٦٨ وعلى هذا فالآية تدل على صفتين من صفات الله وهما الغضب والسخط، وأهل السنة يثبتون ما أثبته الله لنفسه على وجه يليق بجلاله وكماله، والقول في بعض الصفات كالقول في الكل، وقد تقدم في سورة الأعراف آية (٢٠٦) صفة الاستواء وفي الصافات آية (١٢) صفة العجب، وتحدثنا عنهما بما يفي ـ بإذن الله ـ وهنا صفة الغضب وصفة السخط، وهما صفتان حقيقيتان متعلقتان بمشيئته وهما من الصفات الفعلية. ووصفه سبحانه بهاتين الصفتين ثابت بالدليل السمعي، كما سبق في الآية وغيرها وقد أجمع السلف على ثبوت هاتين الصفتين لله تعالى، فيجب إثباتهما من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وفي هذه الآية رد على من فسر الغضب بالانتقام، لأن الله تعالى غاير بين الغضب والانتقام في قوله {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} ويراجع في هذه المسألة وهي الرد على المعطلة: شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين ١/ ٢٧٠

<<  <   >  >>