للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن فارس (١): "وقال الله جلَّ ثناه {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: ٣، ٤] فقدم جلَّ ثناؤه ذكر البيان على جميع ما توحَّد بخلقه وتفرَّد بإنشائه، من شمس وقمر ونجم وشجر، وغير ذلك من الخلائق المحكمة، والنشايا المتقنة، فلمَّا خصَّ جل ثناؤه اللسان العربيَّ بالبيان عُلِمَ أن سائر اللغات قاصرة عنه وواقفة دونه" (٢).

فلا يمكن للمفسر أن يفسر كلام الله إلا وهو عالم باللغة، ولا شك أن الحسين بن الفضل ـ رحمه الله تعالى ـ توسع في تفسير القرآن باللغة وكان أوسع ما عنده من التفسير، ووضح أثرها على أقواله، ويمكن تقسيم استفادته منها إلى قسمين:

أولاً: بيان معاني المفردات:

أ - كما في قوله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} [الفاتحة: ٢]

قال الحسين بن الفضل: (الرَّبُّ الثابتُ من غير إثبات أحد، يقال: ربَّ بالمكان وأربَّ ولبَّ إذا أقام).

ب - في قوله تعالى {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤].

قال الحسين بن الفضل: (يوم الطاعة).

ج -في قوله تعالى {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ} [لأعراف: ٦٤].

قال الحسين بن الفضل: (عمين) في البصائر يقال: رجلٌ عمٍ عن الحقِّ، وأعمى في البصر، وقيل: العمي والأعمى واحد كالخضر والأخضر).

ويدخل في هذا بيان الفروق بين المفردات كما

أ - في قوله تعالى {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ١].

قال الحسين بن الفضل: (الرَّحمن الذي يرحم ويقدر على كشف الضُّرِّ ودفع الشر، والرَّحيم الذي يرقُّ وربما لايقدر على الكشف).


(١) أحمد بن فارس بن زكريا، أبو الحسين، المقيم بهمذان من أعيان أهل العلم، يجمع إتقان العلماء وظرف الكتاب والشعراء، له من التصانيف، كتاب (مقاييس اللغة) وهو كتاب جليل لم يصنف مثله وكتاب (الصاحبي) توفي سنة (٣٩٥ هـ). ينظر: معجم الأدباء (٤/ ٨٠) إنباه الرواة (١/ ٩٢).
(٢) الصاحبي ص: ١٩.

<<  <   >  >>