للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الإنسان]

قال تعالى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: ٨]

[٩٩] قال الحسين بن الفضل: (على حبِّ إطعام الطعام) (١)

الكشف والبيان ١/ ١٤٣ (٢)

[الدراسة]

قال ابن كثير في قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} قيل على حب الله تعالى، وجعلوا الضمير عائداً إلى الله عزّ وجلّ لدلالة السياق عليه، والأظهر أن الضمير عائد على الطعام، أي: ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له، قاله مجاهد ومقاتل واختاره ابن جرير (٣) كقوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} ... [البقرة: ١٧٧].

وكقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران ٩٢] (٤)

وذكر ابن عطية (٥) وأبو حيان (٦) أن الأول أمدح لهم، لأن فيه معنى الإيثار على النفس وعلى الاحتمال الثاني فقد يفعله الأغنياء أكثر وقال ابن عطية: "وقال الحسين بن الفضل: الضمير عائد على الإطعام أي محبين في فعلهم ذلك لا رياء فيه ولا تكلف " (٧)

وإذا كان الأظهر عود الضمير على الطعام وهو قول الجمهور (٨) وقد دلَّ عليه قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] ثم إن الآية التي بعدها مباشرة وهي قوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: ٩] في معنى حب الله مما يجعل الأولى للطعام، وهذه لله، والتأسيس أولى من التوكيد ـ والله أعلم ـ (٩)


(١) نسب هذا القول القرطبي في تفسيره ١٩/ ١١٥ إلى الفُضيل بن عياض.
(٢) ت: صلاح بن سالم با عثمان، ج: أم القرى.
(٣) ينظر في اختياره وفي قوله مجاهد: تفسيره ٢٩/ ٢٤٩.
(٤) ينظر: أضواء البيان ٨/ ٦٧٤/ ٦٧٥.
(٥) ينظر: المحرر الوجيز ٥/ ٤١٠.
(٦) ينظر: البحر المحيط ٨/ ٣٨٨.
(٧) المحرر الوجيز ٥/ ٤١٠. وينظر: البحر المحيط ٨/ ٣٨٨.
(٨) عزاه إليهم ابن الجوزي في زاد المسير ٨/ ٤٣٣.
(٩) يراجع أضواء البيان ٨/ ٦٧٥.

<<  <   >  >>