للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الشعراء]

قال تعالى {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٧]

[[٦٠] قال الحسين بن الفضل: (يعني إلا من عبد رب العالمين)]

الكشف والبيان للثعلبي (١) / ٧٤٠ (٢)

[الدراسة]

قال النحويون: إنه استثناء منقطع، أي لكن رب العالمين. (٣)

وذهب إليه الفراء (٤) والزمخشري (٥) والرازي (٦).

لأنهم فهموا من قوله {مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} [الشعراء: ٧٥] أنهم الأصنام. (٧)

وقال ابن عطية: " لأنه إنما أراد عبادة الأوثان من كل قرن منهم ". (٨)

وأجاز الزجاج أن يكونوا عبدوا الله مع الأصنام وغيرها، فقال لهم: إن جميع من عبدتُّم عدوٌّ لي إلا ربَّ العالمين لأنهم سوَّوا آلهتهم بالله، فأعلمهم أنه قد تبرأ مما يعبدون إلا الله فإنه لم يتبرأ من عبادته. (٩) وهذا هو الصواب الموافق لما علم من الأدلة الأخرى من كونهم عبدوا الله وعبدوا معه غيره وأشركوا في عبادته ومن ذلك قوله {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٧ - ٩٨]

وعلى هذا فالاستثناء متصل، ونسب ابن الجوزيِّ كونه استثناء من الجنس إلى ابن زيد (١٠)، ثم إن الكلبي وافق الحسين بن الفضل في تقديره، ولا يخفى ما في هذا التقدير خصوصاً بعد ما ذُكر في الأقوال السابقة، ولأنه ينبغي تجنب الأعاريب التي هي خلاف الظاهر والمنافية لنظم الكلام، والظاهر - والله أعلم - إقرار الاستثناء في موضعه.

وأعجبني قول الطبري: " نصباً على الاستثناء .. ومعنى الكلام: أفرأيتم كل معبود لكم ولآبائكم، فإني منه بريءٌ لا أعبده، إلا ربَّ العالمين. (١١)


(١) وافقه البغوي في تفسيره ٣/ ٣٦٢.
(٢) ت: ناصر بن محمد الصائغ، ج: أم القرى.
(٣) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٩٣، ونسبه ابن الجوزي في زاد المسير ٦/ ١٢٨ إلى أكثر النحويين.
(٤) ينظر: معاني القرآن ٢/ ٢٨١.
(٥) ينظر: الكشاف ٣/ ٣١٩.
(٦) ينظر: تفسيره ٢٤/ ١٢٣.
(٧) البحر المحيط، ٧/ ٢٢، يراجع: التحرير والتنوير ١٩/ ١٥٢.
(٨) المحرر الوجيز ٤/ ٢٣٤.
(٩) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٩٣، وينظر: تفسير البغوي ٣/ ٣٦٢، وإملاء ما منَّ به الرحمن ٢/ ١٦٨.
(١٠) ينظر: زاد المسير ٦/ ١٢٨.
(١١) تفسير ١٩/ ٩٩.

<<  <   >  >>