للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة العنكبوت]

قال تعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} ... [العنكبوت: ٦٩].

[[٦٣] قال الحسين بن الفضل: (فيه تقديم وتأخير، مجازه: والذين هديناهم سبيلنا جاهدوا فينا).]

الكشف والبيان (١) / ٢٩٠ (٢)

[الدراسة]

تقدم ذكر معنى قوله (مجازه).

والجهاد في القرآن على ثلاثة أوجه:

أحدها: الجهاد بالسلاح.

والثاني: الجهاد بالقول.

والثالث: الجهاد بالأعمال. (٣)

والجهاد هو تحمُّل المشاقِّ في تحصيل المطلوب (٤) والجَهْد بالفتح: المشقة، وبالضم: الطاقة وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة (٥).

وأصل الهدى هو الإرشاد ثم يصير الإرشاد إلى معنى البيان (٦).

ولقد ذكر العلماء في تفسير هذه الآية أقوالاً (٧).

قال البغوي: " وقيل: لنزيدنَّهم هدى كما قال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦] وقيل: لنوفقنهم لإصابة الطريقة المستقيمة هي التي يوصل بها إلى رضا الله عزَّ وجلَّ.

قال سفيان بن عيينة: إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغور، فإن الله قال: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنبكوت: ٦٩].

وقيل: المجاهدة هي الصبر على الطاعات.

قال الحسن: أفضل الجهاد مخالفة الهوى (٨) ".

وقد أطلق لفظ المجاهدة بدون تقييدها بمفعول، وذلك ليتناول كل ما يجب مجاهدته من النفس الأمارة بالسوء والشيطان، وأعداء الدين (٩). فهي تعم مجاهدة الأعادي الظاهرة والباطنة بأنواعها. (١٠)


(١) وافقه القرطبي في تفسيره ١٣/ ٣٢٥ ولفظه (فيه تقديم وتأخير: أي الذين هديناهم هم الذين جاهدوا فينا)
(٢) ت: ابن عاشور.
(٣) ينظر في هذه الأوجه: الأشباه والنظائر ص: ٢٩٠، وإصلاح الوجوه والنظائر ص: ١١٢/ ١١٣، ونزهة الأعين النواظر ص: ٢٣١/ ٢٣٢.
(٤) نزهة الأعين النواظر ص: ٢٣١.
(٥) ينظر: لسان العرب (جهد)
(٦) ينظر: تأويل مشكل القرآن ص: ٢٤٨، يراجع في سورة الفاتحة دراسة قول الحسين في قوله تعالى {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}.
(٧) تفسير النسفي ٣/ ٢٦٦، والبحر المحيط ٧/ ١٥٥.
(٨) تفسير البغوي ٣/ ٤٨٣/ ٤٨٤.
(٩) ينظر في إطلاق المجاهدة وما بعدها: الكشاف ٣/ ٤٦٥، والبحر المحيط ٧/ ١٥٥.
(١٠) روح المعاني ٢١/ ١٤، وينظر: تفسير أبي السعود ٧/ ٤٨.

<<  <   >  >>