للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [يونس: ٩٤]

[٤٤] قال الحسين بن الفضل: ((إن) مع حروف الشرط لا يثبت الفعل، والدليل عليه ما روى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لما نزلت هذه الآية، قال: (والله لا أشك ولا أسأل) (١).

الكشف والبيان للثعلبي (٢) ص: ٦٢٧ (٣).

وقال: (إنَّ: إن نافية) البحر المحيط ٥/ ١٩٠ (٤).

[الدراسة]

قوله {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ}.

قال الفراء: " قاله تبارك وتعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وهو يعلم أنه غيرُ شاكٍّ، ولم يشكَّ عليه السلام. فلم يسأل، ومثله في العربية أنك تقول لغلامك الذي لا يشك في مُلكك إياه: إن كنت عبدي فاسمع وأطع، وقال الله ـ تبارك وتعالى ـ لنبيه عيسى -صلى الله عليه وسلم- {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: ١١٦] وهو يعلم أنه لم يقله، فقال الموفق معتذراً بأحسن العذر {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ٤] " (٥).

وبنحو قوله قال الطبري (٦) وقال ابن قتيبة (٧): " وأما قوله سبحانه: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} ففيه تأويلان:


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٩٨ والطبري ١١/ ١٩٤ من طريق معمر، وأخرجه الطبري ١١/ ١٩٤ أيضا عن سعيد كلاهما عن قتادة: قال: (بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا أشك ولا ... أسأل) وأخرجه سعيد بن منصور في سننه ٥/ ٣٣٢ والطبري ١١/ ١٩٤ إلى سعيد بن جبير والحسن البصري من قولهما. وأسنده ابن أبى حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٨٦ إلى ابن عباس من قوله. والظاهر – والله أعلم – أنه من كلام التابعين. قال ابن كثير في تفسيره ٢/ ٤٣٢: "وقال قتادة بن دعامة: بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا أشكُّ ولا أسألُ) وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن البصري ".
(٢) وافقه القرطبي في تفسيره ٨/ ٣٤٠ وعبارته (الفاء مع حروف الشرط لا توجب الفعل ولا تثبته .. ).
(٣) ت: جمال بن محمد ربعين، ج: أم القرى.
(٤) وافقه الحلبي في الدر المصون ٤/ ٦٩.
(٥) معاني القرآن ١/ ٤٧٩.
(٦) ينظر: تفسيره ١١/ ١٩٤.
(٧) ابن قتيبة: عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، العلامة ذو الفنون، صاحب التصانيف، منها: غريب القرآن، غريب تأويل مشكل القرآن، وغيرهما، توفي سنة (٢٧٦ هـ)، ينظر: السير (١٣/ ٢٩٦) بغية الوعاة (٢/ ٦٣).

<<  <   >  >>