للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أن تكون المخاطبة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والمراد غيره من الشكاك، لأن القرآن نزل عليه بمذاهب العرب كلهم، وهم قد يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره، ولذلك يقول مُتمثّلهم: (إيَّاكِ أعني واسمعي يا جارة) (١) ومثله قوله ... {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الأحزاب: ١] ... (٢) إلى أن قال: والتأويل الآخر: أن الناس كانوا في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصنافاً: منهم كافر به مكذِّب، لا يرى إلا أن ما جاء به الباطل.

وآخر: مؤمن به مصدِّق يعلم أن ما جاء به الحق. وشاكٌّ في الأمر لا يدري كيف هو، فهو يقدم رجلاً ويؤخر الأخرى.

فخاطب الله ــ سبحانه ــ هذا الصنف من الناس فقال: فإن كنت أيها الإنسان في شكٍّ مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-، فسل الأكابر من أهل الكتاب والعلماء الذين يقرؤون الكتاب من قبلك ... (٣) إلى أن قال " وهذا وإن كان جائزاً حسناً، فإن المذهب الأول أعجب إليَّ؛ لأن الكلام اتصل حتى قال: ... {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: ٩٩] وهذا لا يجوز أن يكون إلا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- " (٤)

وقال الزجاج: " هذه آية قد كثر سؤال الناس عنها وخوضهم فيها جداً، وفي السورة ما يدل على بيانها وكشف حقيقتها: -

والمعنى أن الله ـ جلَّ وعزَّ ـ خاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك الخطاب شامل للخلق، فالمعنى: إن كنتم في شكٍّ فاسألوا، والدليل على ذلك قوله في آخر السورة {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: ١٠٤]


(١) المثل لسيَّار بين مالك الفزاري. ينظر: جمهرة الأمثال ١/ ٣٢.
(٢) تأويل مشكل القرآن ص: ١٦٧.
(٣) ص: ١٦٨ وينظرفي القولين أيضاً: تفسير البغوي ٢/ ٣٧٨
(٤) ص: ١٦٩ وينظر: ص: ٥٥

<<  <   >  >>