للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦]

[٧١] قال الحسين بن الفضل: (هذه ناسخة لقوله {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣].

الكشف والبيان ١/ ٢٨٥ (١)

[الدراسة]

هذه الآية الكريمة في الشورى تدل على أنه -صلى الله عليه وسلم- لا يسأل أمته أجراً على تبليغ ما جاءهم به من خيري الدنيا والآخرة، ونظيرها قوله تعالى {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦]

وقوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [الطور: ٤٠] وقوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [الفرقان: ٥٧]

وقوله {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام: ٩٠]

وعدم طلب الأجر على التبليغ هو دأب الأنبياء عليهم السلام كما قال تعالى ... {اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} [يس: ٢٠ - ٢١].

وقد ذكر الحسين أن آية (ص) هذه ناسخة لآية الشورى.

وتقدم في أول سورة التوبة معنى النسخ، عند السلف وعند المتأخرين فإذا حُمل النسخ هنا على المعروف عند السلف، كان المراد ـ والله أعلم ـ

التقييد، ففي آية (ص) نفى أن يكون يسألهم، وفي آية الشورى سألهم المودة في القربى، فهي مقيدة للإطلاق الذي في الآية الأولى.

أما إذا كان مقصده (بالنسخ) المعنى المعروف عند المتأخرين: فللمفسرين فيها أقوال (٢):

الأول: أن الاستثناء في الآية متصل أي من الجنس فعلى هذا يكون سائلاً أجراً،

وقيل نُسخت بقوله {مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} [سبأ: ٤٧] (٣).


(١) ت: ساعد بن سعيد الصاعدي، ج: أم القرى.
(٢) ينظر في تفصيل هذه الأقوال: تفسير الطبري ٢٣/ ٢٩ - ٣٣ والناسخ والمنسوخ للنحاس ... ص: ٦٥٦/ ٦٥٧ ودفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ١٩٢/ ١٩٣.
(٣) ينظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي ص: ٢٢٠، ورواه عن ابن عباس النحاس في الناسخ والمنسوخ ص: ٦٥٦ وذكره مكي في الإيضاح: ص: ٤٠٥ وابن البارزي نواسخ القرآن ومنسوخه ص: ٤٨، والمقري في الناسخ والمنسوخ ص: ١٥٦ ولم ينسباه.

<<  <   >  >>