للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال تعالى {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} [هود: ٦٣]

[٤٧] قال الحسين بن الفضل: (لم يكن صالح في خسارة حين قال لهم: {فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} وإنما المعنى: ما تزيدونني بما تقولون إلا نسبتي إياكم إلى الخسارة?

الكشف والبيان للثعلبي (١) ص: ٩٥ (٢)

[الدراسة]

في قوله (فما تزيدونني غير تخسير) أمور:

الأمر الأول: -

الخُسْر والخسران هو النقصان (٣)، وكذلك التخسير (٤)، والفعل: خَسِرَ يَخْسَرُ خُسْراناً (٥).

ا لأمر الثاني:

في معنى (فما تزيد ونني غير تخسير):

من المعلوم أن صالحاً ـ عليه السلام ـ لم يكن في خسارة فما معنى (فما تزيدونني غير تخسير)

قال ابن عباس: فما تزيدونني غير بصارة في خسارتكم (٦).

وقال مجاهد: يقول: ما تزدادون أنتم إلا خساراً (٧).

قال ابن عطيَّة: " فما تزيدونني غير تخسير، معناه فما تعطونني فيما اقتضيته منكم من الإيمان وأطلبكم به من الإنابة غير تخسير لأنفسكم، وهو من الخسارة وليس التخسير في هذه الآية، إلا لهم وفي حيزهم، وأضاف الزيادة إليه من حيث هو مقتض لأقوالهم موكل بإيمانهم، كما تقول لمن توصيه: أنا أريد بك خيراً وأنت تريد بي شراً، فكأنّ الوجه البيِّن وأنت تريد شراً ولكن من حيث كنت مريداً خيراً به، ومقتضى ذلك حسن أن تضيف الزيادة إلى نفسك " (٨)

وقال الفراء: "يقول فما تزيدونني غير تخسير لكم وتضليل لكم، أي كلما اعتذرتم بشيء هو يزيد كم تخسيراً، وليس غير تخسير لي أنا. وهو كقولك للرجل ما تزيدونني إلا غضباً، أي: غضباً عليك" (٩).

وقال ابن الأعرابي: أي غير إبعاد من الخير (١٠)، أي: غير تخسير لكم، لا لي. (١١)

وقال بعضهم: المعنى فما تزيدونني بما قلتم إلا نسبتي لكم إلى الخسارة (١٢)

فيقال في اللغة التفسيق والتفجير، وهو النسبة إلى الفسق والفجور، وكذلك التخسير هو النسبة إلى الخسران (١٣) وهذا المعنى الأخير هو ما ذهب إليه الحسين بن الفضل ـ رحمه الله ـ.

القول الثاني: فما تزيدونني غير الخسران إن رجعت إلى دينكم (١٤)، قال الزمخشري: " يعني تخسِّرون أعمالي وتبطلونها. أو فما تزيدونني بما تقولون لي وتحملوني عليه غير أن أُخسِّركم، أي أنسبكم إلى الخسران، وأقول لكم: إنكم خاسرون " (١٥)


(١) وافقه الثعالبي في تفسيره ٢/ ٢١٠ والبغوي في تفسيره ٢/ ٤١٠.
(٢) ت: عبد الله القبيسي، ج: أم القرى
(٣) ينظر: العين ١/ ٤٠٧ وتهذيب اللغة ١/ ١٠٢٨.
(٤) ينظر: زاد المسير ٤/ ١٢٤.
(٥) العين: ١/ ٤٠٧
(٦) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ٤١٠ وزاد المسير ٤/ ١٢٤ وتفسير القرطبي ٩/ ٥٣ والبحر المحيط ٥/ ٢٤٠
(٧) رواه عنه ابن جرير في تفسيره ١٢/ ٧٧.
(٨) المحرر الوجيز ٣/ ١٨٤.
(٩) معاني القران ٢/ ٢٠.
(٣) تهذيب اللغة ١/ ١٠٢٩.
(١٠) ينظر: المصدر السابق وزاد المسير ٤/ ١٢٤ وتفسير القرطبي ٩/ ٥٣.
(١١) زاد المسير ٤/ ١٢٤، وينظر: تفسير البيضاوي متن حاشية شيخ زاده ٤/ ٦٦٢.
(١٢) البحر المحيط ٥/ ٢٤٠.
(١٣) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ٤١٠.
(١٤) زاد المسير ٤/ ١٢٥
(١٥) الكشاف ٢/ ٤٠٨.

<<  <   >  >>