للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال البغوي: " أي من تحت أشجارها ومساكنها (الأنهار) أي المياه في الأنهار، لأن النهر لا يجري. وقيل (من تحتها) أي بأمرهم، لقوله تعالى حكاية عن فرعون ... {وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الرخرف: ٥١] أي بأمري. " (١)

وقال القرطبي: "أي من تحت أشجارها ولم يجر لها ذكر لأن الجنان دالة عليها ... (الأنهار) أي: ماء الانهار، فنُسب الجري إلى الأنهار توسُّعاً، وإنما يجري الماء وحده فحذف اختصاراً .. ". (٢)

وقال السمين الحلبيُّ: " والأنهار جمع نَهَر بالفتح، وهي اللغة الغالبة، وفيه تسكين الهاء .. والنهر دون البحر وفوق الجدول، وهل هو مجرى الماء أو الماء نُفسه؟ والأول أظهر لأنَّه مشتقٌّ من نهْرت أي: وسَّعْتُ ". (٣)

وقد نبّه سبحانه على عموم ريِّها، وكثرة مائها، بنزع الجار على قراءة الجماعة فقال {تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} أي هي كثيرة المياه، فكل موضع أردته نبع فيه ماء فجرى منه نهر، ولما كان المقصود من الماء إنما هو السهولة في استخراجه بقربه، ويسر جريه، وانبساطه أثبته ابن كثير دلالة على ذلك كسائر المواضع، ولعل تخصيص هذا الموضع بالخلاف؛ لأن ذلك يخص هذه الأمة، فلعلها تُخص بجنة هي أعظم الجنان ريِّا وحسناً. (٤)

ولعله يخالف المعنى الذي ذهب إليه بعض المفسرين بأن (من تحتها) من تحت الأشجار فوق الأرض فكأن قوله أي: (ينبع الماء من تحت الأشجار) معناه أنها تجري تحت الأرض. فكأنه جعل الأنهار على الأرض تحت الأشجار في الآية الأولى فجعله جرياناً، وفي الثانية جعل الماء ينبع من باطن الأرض تحت جذوع الأشجار، فجعله نبعاً.


(١) تفسيره ١/ ٢٧ عند آية البقرة المذكورة في الحاشية السابقة رقم (٥).
(٢) تفسيره ١/ ٢٨٠. عند آية البقرة.
(٣) الدر المصون ١/ ١٥٩ عند آية البقرة.
(٤) ينظر: نظم الدرر ٣/ ٣٧٩/ ٣٨٠.

<<  <   >  >>