للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال القاضي عياض: " قال بعضهم: أعطاه اسمين من أسمائه: رؤوف ... رحيم " (١).

وقال الزمخشري: " وقيل لم يجمع الله اسمين من أسمائه لأحد غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٢)

وقد أثبت الله عزَّ وجلَّ هاتين الصفتين لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- في هذا النص القرآنيِّ الواضح، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعدٌ عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، سمع نقيضاً من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء، فتح اليوم، لم يُفتح قطُّ إلا اليوم نزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال: (أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبيٌّ قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا ... أعطيته) (٣)، ففي هذا الحديث دلالة واضحة على أن هذه خصيصة للنبي -صلى الله عليه وسلم- دون غيره من الأنبياء. وفي القرآن الكريم إشارة رحمته -صلى الله عليه وسلم- في قوله ـ عزَّ وجلَّ ـ {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: ١٥٩] وبيَّن سبحانه أنَّه نبيُّ الرحمة في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] ويُفهم من قوله (بين اسمين من أسمائه) أنه يجوز التسمي ببعض أسماء الله ـ والله أعلم ـ.

قال ابن كثير: " والحاصل أن من أسمائه تعالى ما يسمَّى به غيره باسم الله والرحمن والخالق والرازق ونحو ذلك، فلهذا بدأ باسم الله ووصفه بالرَّحمن؛ لأنه أخصُّ وأعرف من الرَّحيم؛ لأنَّ التسمية أولاً إنما تكون بأشرف الأسماء فلهذا ابتدأ بالأخصِّ فالأخص. " (٤)


(١) الشفا ص: ٢٢ والقاضي هو عياض بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي، الشهير بـ القاضي عياض المالكي، العلامة الحافظ الفقيه، من مصنفاته: الإكمال في شرح صحيح مسلم، مشارق الأنوار، الإلماع، وغيرها، توفي سنة (٥٤٤ هـ)، ينظر: السير (٢٠/ ٢١٢)، الديباج المذهب لابن فرحون (١/ ١٦٨).
(٢) الكشاف ٢/ ٣٢٥.
(٣) كتاب (فضائل القرآن وما يتعلق به) ح: ١٨٧٧ ص: ٣٢٥/ ٣٢٦
(٤) تفسيره ١/ ٢١، وينظر: النهج الأسني في شرح أسماء الله الحسنى للنجدي ١/ ٧٩/ ٨٠.

<<  <   >  >>