للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أولاً: إن إقدام الإنسان على عرض بناته على الأوباش والفجّار مستبعد، لا يليق بأهل المروءة والخير فكيف بأكابر الأنبياء (١).

ثانياً: قيل: إنَّ له عليه السلام بنتين (٢) فإن صحت هذه الرواية فلا يصح الجمع

ذلك لأنه ثبت أنّ أقل الجمع ثلاثة (٣).

قال أبو حيان: " ويدلّ عليه أنه فيما قيل: لم يكن له إلا بنتان، وهذا بلفظ الجمع" (٤).

وأجاب ابن الجوزي: " فإن قيل كيف جمع وقد كنّ اثنتين، فالجواب: أنه قد يقع الجمع على اثنتين، كقوله: (وكنا لحكمهم شاهدين) [الأنبياء ٧٨] (٥) ويُردُّ عليه أيضاً أنَّه روي أنَّهنَّ ثلاث بنات (٦).

ثالثاً: وأيضاً فإنه لا يمكن أن يزوّج بناته من جميع قومه، أما نساء أمته فتكفي للكل (٧).

رابعاً: وقيل: إنما كان الكلام مدافعة، ولُم يُردْ إمضاءه (٨).

قال الشيخ السعدي في تفسيره: " وهذا كما عَرض سليمان عليه السلام على المرأتين أن يشقَّ الولد المختصم فيه لاستخراج الحق، ولعلمه أنَّ بناته ممتنعٌ منالُهُنَّ، ولا حقَّ لهم فيهنَّ والمقصود الأعظم دفع هذه الفاحشة الكبرى". (٩)

وقد ضعف القول الثالث ابن عطية وقال: " وهذا التنطع ليس من كلام الأنبياء صلوات الله عليهم ". (١٠)

ولعل القول الثاني وهو قول مجاهد، الأرجح في بيان المراد لِمَا سبق بيانه من الأوجه، وهذا ما ذهب إليه جمع من المفسرين: كالطبري وقد قال: " قال لوط لقومه لما جاءوا يراودونه عن ضيفه: هؤلاء يا قوم بناتي يعني نساء أمته فانكحوهنَّ " (١١).

والنحاس الذي قال: " فيه أقوال، أحسنها قول مجاهد، قال: يريد نساء أمته، ويقوِّيه (وأزواجه أمهاتهم) ويروى أن أبيَّ بن كعب وعبد الله بن مسعود قرءا (وأزواجه أمهاتهم، وهو أبٌ لهم " (١٢) وقال الرازي: " وهذا عندي هو القول المختار " (١٣) وذكر أبو حيان أن هذا القول هو الأحسن. (١٤)


(١) ينظر: تفسير الرازي ١٨/ ٢٧.
(٢) ينظر: تفسير القرطبي ٩/ ٦٧ و تفسير الرازي ١٨/ ٢٧ والبحر المحيط ٥/ ٢٤٧ وفتح القدير ٢/ ٦٣٦.
(٣) ينظر: تفسير الرازي ١٨/ ٢٧.
(٤) البحر المحيط ٥/ ٢٤٧.
(٥) زاد المسير ٤/ ١٣٧
(٦) ينظر: تفسير القرطبي ٩/ ٦٧ والبحر المحيط ٥/ ٢٤٧ وفتح القدير ٢/ ٦٣٦
(٧) ينظر: تفسير الرازي ١٨/ ٢٧ ويراجع: البحر المحيط ٥/ ٢٤٧.
(٨) ينظر: المحرر الوجيز ٣/ ١٩٤ وتفسير القرطبي ٩/ ٦٧ (ونسباه لأبي عبيده) ولم أجده في موضعه في مجاز القرآن وتفسير البغوي ٢/ ٤١٦ وفتح القدير ٢/ ٦٣٦.
(٩) ص: ٣٨٦.
(١٠) المحرر الوجيز ٣/ ١٩٤
(١١) تفسيره ١٢/ ١٠١.
(١٢) معاني القرآن ٣/ ٣٦٨.
(١٣) تفسيره ١٨/ ٢٧
(١٤) ينظر: البحر المحيط ٥/ ٢٤٦

<<  <   >  >>