للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن قتيبة: (ما) و (مَن) أصلهما واحد، فجُعلت مَنْ للناس،

وما لغير الناس، نقول: مَنْ مرَّ بك من القوم، وما مرَّ بك من الإبل؟) (١)

وتطلق (ما) و (من) على المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث (٢).

ومن هنا ذهب الحسين إلى أن الآية في الأوثان دون عيسى أو عزير أو الملائكة ـ عليهم السلام ـ، ولقد وافقه جماعة من المفسرين على أن المراد هو الأوثان:

وعلى رأسهم الإمام الطبري، وقال: " ولا شك أن الذين سبقت لهم منا الحسنى إنما هم إما ملائكة وإما إنس أو جان، وكل هؤلاء إذا ذكرتها العرب فإن أكثر ما تذكرها بـ (من) لا بـ (ما)، والله تعالى ذكره إنما ذكر المعبودين الذين أخبر أنهم حصب جهنم بـ (ما)، قال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} إنما أريد به ما كانوا يعبدون من الأصنام والآلهة والحجارة والخشب، لا من كان من الملائكة والإنس". (٣)

والنحاس بقوله: " وإنما يراد به الأصنام، واللغة تدل على هذا لأنَّ (ما) لما لا يعقل، فقد علم أن معنى {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} لا يكون للمسيح وهذا أصحُّ ما قيل في قوله تعالى {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} (٤)

و كذلك وافقهما ابن عطية (٥) والشوكاني، وقال: " قال كثير من أهل العلم: ولا يدخل في هذه الآية عيسى وعزير والملائكة، لأن (ما) لمن لا يعقل، ولو أراد العموم لقال ومن يعبدون " (٦) وغيرهم (٧)


(١) ص: ٢٨٥، قال الكفوي: " والأكثرون على أنَّ (ما) تعمُّ العقلاء وغيرهم. قال بعضهم: والغالب في استعمال (من) في العالم عكس (ما) ونكتته أن (ما) أكثر وقوعاً في الكلام من (مَن) وما لا يعقل أكثر ممن يعقل، فأعطوا ما كثرت صفته للتكثير وما قلت للتقليل للمشاكلة " الكليات ص: ٨٣٦.
(٢) ينظر: شرح قطر الندى لابن هشام ص: ١٤١ - ١٤٢، يراجع في أنواع الخطاب بما: المفردات ص: ٤٦٢ –٤٦٣. وفي (من) مغني اللبيب ١/ ٣٦٣ –٣٦٤ والكليات ص: ٨٣٦.
(٣) تفسيره ١٧/ ١١٥.
(٤) معاني القرآن ٦/ ٣٧٨، وينظر: إعراب القرآن له ٣/ ٥٧.
(٥) ينظر: المحرر الوجيز ٤/ ١٠١.
(٦) فتح القدير ٣/ ٥٣٢.
(٧) كأبي حيان في البحر المحيط ٦/ ٣١٥ وأبي السعود في تفسيره ٦/ ٨٥، وقال: " أصنامهم التي يعبدونها كما يفصح عنه كلمة (ما) .. "

<<  <   >  >>