للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمعنى: لا يذهب ذلك الذي فعله ذلك الكافر الحاسد ما يغيظه ويغضبه من نصر الله لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-. (١)

قال الزمخشري: " وسمي فعله كيداً، لأنه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره، أو على سبيل الاستهزاء لأنه لم يكد به محسوده، إنما كاد به نفسه، والمراد: ليس في يده إلا ما ليس مذهب لما يغيظه ". (٢)

وحاصل القول: إن الله تعالى يقول لحاسديه -صلى الله عليه وسلم-، الذين يتربصون به الدوائر، ويظنون أن ربه لن ينصره: موتوا بغيظكم، فهو ناصره لا محالة رغم أنوفكم، وممن قال بهذا: مجاهد وقتادة وعكرمة وعطاء (٣). كما نقله ابن كثير، وذكر أن هذا القول هو الأظهر والأبلغ في التهكم (٤).

وقال الشنقيطي: " وهو أظهرها عندي " (٥).

وفسر هذا التفسير الحسين بقوله (كما يقول في الكلام للحاسد أو المعاند إن لم ترض هذا فاختنق)

والمعنى: هل يذهبنَّ كيده وحيلته، وبيانه: فليختنق غيظاً حتى يموت، وليس هذا على سبيل الحتم، أي: أن يفعله؛ لأنه لا يمكنه القطع والنظر بعد الاختناق والموت وهذا كما يقال للحاسد لم ترض هذا فاختنق ومت غيظاً. (٦)

وقال السمرقندي في تفسيره: " .. ولكن كلام العرب على وجه الاختصار يعني إن لم تثق بما أقول لك فاذهب فاختنق أو اجتهد جهدك " (٧)

وقال أبو حيان: " .. قال هذا المعنى قتادة، وهذا على جهة المثل السائر قولهم (دونك الحبل فاختنق) يقال ذلك للذي يريد من الأمر مالا يمكنه " (٨).

وكأنَّ المثل يصوِّر الضيق الذي يصيب الحاسد المغتاظ الذي لا يرضه حال المحسود ولا يستطيع سلب ما هو فيه بالاختناق لأنه الضيق في اللغة.

وهذا المثل على المعنى الصحيح؛ فذلك الذي لا يريد نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والقرآن واستفرغ فيه جهده وجاوز فيه كل حد، فقصارى أمره وعاقبة مكره أن يختنق حنقاً مما يرى من ضلال مساعيه وعدم إنتاج مقدماته ومباديه، كالحاسد الذي لم يرض بما أعطى الله المحسود واستنفذ وسعه وطاقته في سلب ذلك من المحسود لكن لاجدوى إذن: فليختنق ضيقاً حتى يموتَ كمداً.


(١) ينظر في بيان المعنى: أضواء البيان ٥/ ٥٠ ويراجع تفسير البغوي ٣/ ٢٠٥، وتفسير النسفي ٣/ ٩٨ وتفسير الجلالين ١/ ٤٣٥.
(٢) الكشاف ٣/ ١٤٧/ ١٤٨.
(٣) ينظر: أضواء البيان ٥/ ٥٠.
(٤) ينظر: تفسيره ٣/ ٢١٠.
(٥) أضواء البيان ٥/ ٥٠.
(٦) ينظر: تفسير البغوي ٣/ ٢٠٥.
(٧) / ٤٥٢ وينظر: معاني القرآن للنحاس ٤/ ٣٨٨.
(٨) البحر المحيط ٦/ ٣٣٢.

<<  <   >  >>