للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد يفهم من قول الحسين أيضاً أنه من أراد أن يلزم الحصانة فليتزوَّج. (١)

وقال ا بن عطية (٢) والقرطبي (٣) وأبو حيان (٤). وذهب هذا النظر عن كثير من المفسرين، فقال بعضهم، قوله {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}

راجع إلى الأيامى وزاد أبو حيان: " وهذا فيه بعد وفصل كثير " (٥)

وقال ابن جُزي الكلبي: " وهذا بعيد " (٦)

وقال ابن حجر: " وحكمة التقييد بقوله {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} أن الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن لأن المطيعة لا تسمى مكرهة فالتقدير فتياتكم اللاتي جرت عادتهن بالبغاء، وخفي هذا على بعض المفسرين فجعل {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} متعلقاً بقوله فيما قبل ذلك {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}. (٧)

وقال الآلوسي: " وزعم بعضهم أن {إِنْ أَرَدْنَ} راجع إلى قوله {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} وهو مما يقضي منه العجب (٨).

ومهما يكن الأمر فقول الحسين بن الفضل ومن وافقه فيه تكلف ظاهر، وهذا دأب من كانت بضاعته العربية فقط دون معرفة أسباب النزول وملابساته فيقع منه مثل هذا، و قد ذكرتُ سابقاً فيمن نزلت الآية، و ذكرتُ معنى {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} في هذا السياق الذي هو في غاية الترابط والانسجام.

فما الحامل على القول بالتقديم والتأخير والآية في غاية الوضوح، وقد جاءت على الأصل في ترتيب الكلام دونما حاجة إلى تقديم أو تأخير، ولذا أوردت الآية الأولى وهي قوله {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}. وبينتُ معناها مختصراً ثم أعقبتها بذكر مناسبة قوله تعالى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ذلك كله ليتبين القارئ الكريم روعة أسلوب القرآن وعظمة أحكامه ووضوح معانيه بلا حاجة للقول بالتقديم والتأخير.


(١) ينظر: في هذا التوجيه عمدة القارئ ١٢/ ١٠٤.
(٢) ينظر: المحرر الوجيز ٤/ ١٨٢.
(٣) ينظر: تفسير القرطبي ١٢/ ٢٣٢.
(٤) ينظر: البحر المحيط ٦/ ٤١٦.
(٥) المصدر السابق.
(٦) التسهيل لعلوم التنزيل ٣/ ٦٧.
(٧) فتح الباري ١٢/ ٣٩٤.
(٨) روح المعاني ١٨/ ١٥٨.

<<  <   >  >>