للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القرطبي في قول الربيع هذا: " قلتُ: وكثير من الأحاديث يدل على هذا القول، وأن المؤمن يصل إليه ثواب العمل الصالح من غيره (١) ..

وليس في الصدقة اختلاف، كما في صدْر كتاب مسلم عن عبد الله بن المبارك (٢) وفي الصحيح:

(إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث) وفيه (أو ولد صالح يدعو له) (٣) وهذا كله تفضل من الله عَزَّ وجلّ، كما أن زيادة الأضعاف فضل منه، كتب لهم بالحسنة الواحدة عشراً إلى سبعمائة ضعف إلى ألف ألف حسنة، كما قيل لأبي هريرة: أسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة) فقال سمعته يقول: (إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة) (٤) فهذا تفضُّل. وطريق العدل {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} " (٥)

قال ابن تيمية بعد أن ذكر قول الربيع بن أنس: " قلتُ: وهذا أيضاً ضعيف جداً، فإن الذي في صحف إبراهيم وموسى لا يختصُّ به الكافر، وقوله بعده ... {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} الآيات، يتناول المؤمن قطعاً، وهو ضمير الإنسان بل لو قيل: إنه يتناول المؤمن دون الكافر لكان أرجح من العكس، مع أن حكم العدل لا فرق فيه بين مؤمن وكافر، وما استحقَّه المؤمن بخصوصه فهو بإيمانه ومن سعيه " (٦).


(١) قال ابن كثير: " ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي – رحمه الله – ومن اتبعه، أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص، ولا إيماء ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولو كان خيراً لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء، فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما " تفسيره ٤/ ٢٥٨.
(٢) عبد الله بن المبارك: المروزي، مولى بني حنظلة، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، توفي سنة (١٨١ هـ) ينظر: السير (٨/ ٣٧٨)، التقريب (٣٥٧٠).
(٣) كتاب (الوصية) ح: ٤٢٢٣، ص: ٧١٦. وينظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٢٥٨.
(٤) رواه الإمام أحمد في مسنده ح: ٧٩٣٢، ص: ٥٩٣، وقال الهيثمي: "رواه أحمد بإسنادين والبزار بنحوه وأحد إسنادي أحمد جيِّد، مجمع الزوائد ١٠/ ١٤٥.
(٥) تفسيره ١٧/ ١٠١/ ١٠٢.
(٦) تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء ١/ ٤٦٣.

<<  <   >  >>