للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذبح لهم، فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربُوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر: (والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم) (١)

٥/ كل شيءٍ من لذة الدنيا وهو قول مجاهد. ولعل هذا الأخير هو أشملها.

ثم ذكر الطبري أن الله أخبر أنه سائل هؤلاء القوم عن النعيم دون تخصيص في خبره نوع من النعيم دون نوع، بل عمَّ الخبر في ذلك عن الجميع فهو سائلهم كما قال عن جميع النعيم، لا عن بعض دون بعض. (٢)

وقال النحاس: " وظاهر الكلام يدل على أنه عام، وأن الإنسان مسؤول عن كل نعيم تنعَّم به في الدنيا من أين اكتسبه؟ وما قصد به؟ وهل فَعَلَ ما غيره أولى منه؟ .. " (٣)

وأمَّا عمَّن يُسأل ـ والعلم عند الله ـ أن الكل يُسأل (المؤمن والكافر) فسؤال الكافر سؤال توبيخ وسؤال المؤمن سؤال إكرام وتشريف (٤) قال القرطبي: " قلتُ: هذا القول حسن " (٥)

والشاهد في هذه الآية هو ما قاله الحسين فإنه يدخل في النعيم نعمة التشريع والتخفيف عمَّا كان على الأمم الماضية، وفي مقدمة النعم نعمة الإسلام ومصدرها القرآن وتيسيره من أجلِّ النعم قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ... [الحج: ٤٨] وقال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧] والقرآن من النعم التي سيسأل عنها العبد قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: ٤٤].

والظاهر أنَّ النعيم عامٌّ، وما ذُكر من الأقوال فهي أمثلة لنوعٍ من النعيم، ومن ثَمَّ يكون قول الحسين مثالاً من أفراد هذا العموم.


(١) رواه مسلم في (الأشربة) ح: ٥٣١٣ ص: ٩٠٨/ ٩٠٩.
(٢) ينظر: تفسيره ٣٠/ ٣٥٠.
(٣) إعراب القرآن ٥/ ١٧٨
(٤) ينظر: تفسير القرطبي ٣٠/ ١٦٤ والبحر المحيط ٨/ ٥٠٦ وأضواء البيان ٩/ ٤٨٦ وجزء في تفسير جزء عَمَّ لابن عثيمين ص: ٣٠٦.
(٥) تفسيره ٢٠/ ١٦٥ وقد ناقش ذلك ابن القيم - رحمه الله - فليراجع التفسيرالقيِّم لابن القيِّم ... ص: ٥١٨ - ٥٢٠ من أراد إتمام الفائدة.

<<  <   >  >>