للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الحسن هو القرآن (١)، وقيلت أقوالٌ كثيرة غير ذلك. (٢)

قال الخليل بن أحمد: " والكوثر نهر في الجنة يتشعبُ منه أكثر أنهار الجنة " .. ويقال: بل الكوثر: الخير الكثير الذي أعطاه الله النبي -صلى الله عليه وسلم- " (٣)

وقال الزجاج: " وقال أهل اللغة: الكوثر فوعل من الكثرة، ومعناه الخير الكثير، وجميع ما جاء في تفسير هذا قد أعطيه النَّبيُّ عليه السلام، قد أعطي الإسلام والنبوة وإظهار الدين الذي أتى به على كلِّ دين، والنصر على عدوه والشفاعة ومالا يحصى ممّا أعطيه، وقد أعطي الجنة على قدر فضله على أهل الجنة " (٤)

ورجح الطبري أنه اسم النهر الذي أعطيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجنة، وصفه الله بالكثرة، لعظم قدره، ودلَّل على ذلك (٥).

وقال البغوي: " والمعروف أنه نهر في الجنة أعطاه الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في الحديث ". (٦)

وقال القرطبي: " قلتُ: أصح هذه الأقوال الأول والثاني، لأنه ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نص في الكوثر، ... وجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيادة على حوضه -صلى الله عليه وسلم- تسليماً كثيراً " (٧)

وقال أبو حيان: " وينبغي حمل هذه الأقوال على التمثيل لا أن الكوثر منحصر في واحد منها ". (٨)

قال ابن تيمية " وقوله تعالى {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} تدل هذه الآية على عطية كثيرة صادرة عن معط كبير غني واسع " إلى أن قال: " وحذف موصوف الكوثر ليكون أبلغ في العموم، لما فيه من عدم التعيين، وأتى بالصفة أي أنه سبحانه وتعالى قال {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} فوصفه بالكوثر، والكوثر المعروف إنما هو نهر في الجنة كما وردت به الأحاديث الصحيحة الصريحة، وقال ابن عباس: الكوثر إنما هو من الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه، وإذا كان أقل أهل الجنة من له فيها مثل الدنيا عشر مرات، فما الظن بما لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما أعده الله له فيها، فالكوثر علامة وأمارة على تعدد ما أعده الله له من الخيرات واتصالها وزيادتها أو سمو المنزلة وارتفاعها، وإن ذلك النهر وهو الكوثر أعظم أنهار الجنة وأطيبها ماء، وأعذبها، وأحلاها وأعلاها". (٩)


(١) رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ١٠/ ٣٤٧٠ وينظر: معاني القرآن للنحاس ٥/ ١٨٨ وتفسير البغوي ٥/ ٦٩٩.
(٢) ينظر: زاد المسير ٩/ ٢٤٩ والبحر المحيط ٨/ ٥٢١، وتفسير القرطبي ٢٠/ ١٩٩.
(٣) العين ٤/ ١٢.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٣٦٩.
(٥) ينظر: تفسيره ٣٠/ ٣٩٣.
(٦) تفسيره ٤/ ٧٠٠.
(٧) تفسيره ٢٠/ ٢٠١.
(٨) البحر المحيط ٨/ ٥٢١.
(٩) مجموع فتاوى ابن تيمية ١٦/ ٥٢٩/ ٥٣٠.

<<  <   >  >>