للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - أن إجراء موازنة منضبطة بين أقوالهما أمرٌ لا يتأتَّى؛ ذلك لما ذكرت سابقاً من إمكانية تصوُّر منهج متكامل لأقوال الفراء الأمر الذي لم يتوفر في أقوال الحسين بن الفضل.

٣ - الفراء ينحو في أقواله منحى بلاغيّاً نحويّاً، بينما الحسين ينحو المنحى البلاغي.

٤ - في بعض الأمثلة يفسر الفراء الآية من جهة بينما يفسرها الحسين من جهة أخرى، كما في قوله تعالى {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} [الشرح: ٢].

قال الفراء: (يقول: إثم الجاهلية، وهي في قراءة عبد الله: (وحللنا عنك وقرك، يقول: من الذنوب) (١).

وقال الحسين بن الفضل: (يعني الخطأ والسهو).

٥ - وعليه سوف تكون الموازنة بين أقوالهما بشكل عام.

٦ - أرى أن اختيار أقوال الفراء لإجراء مقارنة بينها وبين أقوال الحسين بن الفضل اختيار غير موفق لأجل ما بين أقوالهما من فروق واضحة ولعدم اتفاقهما في نفس التفسير ولو في أغلب الآيات.

وسأعرض أمثلة من أقوالهما:

١ - في قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود: ١٧].

قال الفراء: (فالذي على البيِّنة من ربِّه محمد -صلى الله عليه وسلم- ويتلوه شاهد منه يعني جبريل عليه السلام يتلو القرآن، الهاء للقرآن. وتبيان ذلك: ويتلو القرآن شاهد من الله .. ) (٢).

وقال الحسين بن الفضل: (وهو القرآن ونظمه وإعجازه، والمعاني الكثيرة منه في اللفظ القليل).

٢ - في قوله تعالى {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} [هود: ٦٣].

قال الفراء: (يقول: فما تزيدونني غير تخسير لكم وتضليل لكم، أي كلما اعتذرتم بشيء هو يزيدكم تخسيراً، وليس غير تخسير لي أنا، وهو كقولك للرجل ما تزيدني إلا غضباً أي غضباً عليك) (٣).

وقال الحسين بن الفضل: (لم يكن صالح في خسارة حين قال لهم: (فما تزيدونني غير تخسير) وإنما المعنى: ما تزيدونني بما تقولون إلا نسبتي إياكم إلى الخسارة).


(١) معاني القرآن ٣/ ٢٧٥.
(٢) معاني الفراء ٢/ ٦.
(٣) معاني الفراء ٢/ ٢٠.

<<  <   >  >>