للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وأنس بن مالك (١) -رضي الله عنه-: " لما افتتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة ووعد أمته ملك فارس والروم، قالت المنافقون واليهود: هيهات

من أين لمحمد ملك فارس والروم هم أعزّ وّ أمنع (٢) من ذلك، ألم يكف محمداً مكة والمدينة، حتى طمع في ملك فارس والروم، فأنزل الله هذه الآية (٣).

فلك سبحانك الملك كله، ملك الدنيا والآخرة خالصاً لك وحدك ليس لغيرك منه شيءٌ، أنت الملك لجميع الممالمك، والمملكة علويها وسفليها لك، والتصريف والتدبير كله لك، بحيث تتصرف فيه كيفما شئت إيجاداً وعدماً وإحياءً وإماتة وتعذيباً وإثابة، تعطي الملك من تشاء، وتوسعه على من تشاء، وتضيقه على من تشاء.

قوله تعالى {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ}

الإيتاء: الإعطاء (٤)، والإتيان: المجيء بسهولة (٥)

ونزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس من كبده .. ونزع فلان كذا أي سلب. قال: {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} (٦)

والتعبير بالإتيان هنا إشعار بأنه تنويل من الله من غير قوة وغلبة ولا مطاولة فيه (٧)، وأما كلمة النزع ففيها ما ينبئ عنه من البطش والقوة ما يناسب معنى الإيتاء (٨)

قال الزمخشري: " تعطي من تشاء النصيب الذي قسمت له واقتضته حكمتك من الملك.

{وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} النصيب الذي أعطيته منه، فالملك الأول عام شامل والملكان الآخران بعضان من الكل " (٩).


(١) أنس بن مالك: أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي، صحابي جليل، خادم النبي -صلى الله عليه وسلم-، توفي سنة (٩٢) وقيل (٩٣ هـ). ينظر: تذكرة الحفاظ (١/ ٤٤)، التقريب (٥٦٥).
(٢) أشد وأقوى ..
(٣) أسباب النزول للواحدي ص: ٨٦ وينظر: تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ١/ ٤٥ وتفسير السمرقندي ١/ ٢٢٩، والمحرر الوجيز ١/ ٤١٦، وتفسير السمعاني ١/ ٣٠٦، وتفسير البغوي ١/ ٣٣٧، وتفسير القرطبي ٤/ ٥٦، وتفسير النسفي ١/ ١٤٨ وغيرها.
(٤) العين ١/ ٥٥.
(٥) ينظر: المفردات ص: ١٨.
(٦) المفردات ص: ٤٩٠.
(٧) ينظر: نظم الدرر ٢/ ٠٥٢
(٨) المصدر السابق ٢/ ٥٣/ ٥٤.
(٩) الكشاف ١/ ٣٤٩/ ٣٥٠.

<<  <   >  >>