الآن عدة مجلدات أثبتت قيمتها للباحث في ميدان الدراسات الأدبية في القرن الحادي عشر،
والمحبي بنص في مقدمته على أنه قد وجد بعض النقص في كتاب الخفاجي وربما بعض الإغفال، فكان ذلك هو السبب في تأليفه كتابه الكبير الذي أسماه، كما مر بنا، "نفحة الريحانة ورشحة طلا الحانة" وكأنما هو يعترف بفضل الخفاجي ويحمد له عمله: "الريحانة" ومن ثم فقد اعتبر كتابه الكبير نفحة من نفحات الخفاجي فسماه "نفحة الريحانة" وزاد "ورشحة طلا الحانة".
على أن "نفحة الريحانة" مرتب على ثمانية أبواب: الباب الأول يشتمل على "محاسن شعراء دمشق ونواحيها" ويختص الثاني "بنوادر أدباء حلب" ويتناول الثالث "نوابغ بلغاء الروم"، ويتضمن الباب الرابع "ظرائف ظرفاء العراق والبحرين" والباب الخامس في "لطائف لطفاء اليمن" والسادس من "عجائب نبغاء الحجاز" والسابع في "غرائب فقهاء مصر" والثامن في "نجائب أذكياء المغرب".
ولا يفوتنا أن نذكر أن مؤلفنا الكبير كان هو الآخر صورة لزمانه الذي ولع أدباؤه بالصنعة ولعًا لافتًا للأنظار حتى في عناوين كتبهم. فنلاحظ أن مؤلفنا يقول: محاسن شعراء، ونوادر أدباء، ونوابغ بلغاء، وظرائف ظرفاء، ولطائف لطفاء وعجائب نبغاء ... إلخ مما مر بنا من عناوين أبوابه وقد التزم صيغتين للسجع بعينهما، هما:"فعائل فعلاء".
على أنه مما لا ينبغي غض الطرف عنه أن للمحبي فضلًا عن كتابيه الكبيرين:"خلاصة الأثر" و"نفحة الريحانة" كتبًا أخرى ذات وزن وقيمة في الأدب، واللغة منها:"قصد السبيل بما في اللغة من دخيل"، وهو لا شك بذلك متمم ومذيل لكتاب الخفاجي "شفاء العليل في ما في كلام العرب من الدخيل"، ومشى فيه على حروف المعجم حتى بلغ حرف الميم. كما أن للمحبي أيضًا كتاب "ما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه" و"جني الجنتين في تمييز نوعي المثنيين" و"الأمثال"، وكل من "الأمثال" و"المضاف والمضاف إليه" لا يزالان مخطوطين.
هذا وإن له ديوان شعر مخطوطًا، وهو في ثقافته ومؤلفاته، كأنما يحذو حذو سلفه الخفاجي. وإذن فهناك وجوه شبه كبيرة بين كل من العالمين الأديبين بل إنهما متشابهان في الوظيفة التي وليها كل منهما، والأماكن التي تنقلا فيها على اختلاف زمانهما، فالأول ينتسب إلى النصف الأول من القرن العاشر، والثاني ينتسب إلى النصف الثاني منه، وإلى طرف من القرن الثاني عشر.
١٠- ابن معصوم وهو علي بن أحمد بن محمد معصوم الذي يعرف أيضًا بعلي خان بن مرزا، المتوفى سنة ١١١٩هـ. وهو كما نرى في تاريخ وفاته معاصر للمحبي، غير أنهما،