عهدي به ميتًا كأحسن نائم ... والحزن ينحر عبرتي في نحره
وإلى المعنى الأول نظر أبو تمام في قوله:
قد انثنى بالمنايا في أسنته ... وقد أقام حياراكم على اللقم
جذلان من ظفر حران أن رجعت ... أظفاره منكم مخضوبةً بدم
ومن هذا المعنى أخذ البحتري قوله:
إذا احتربت يومًا ففاضت دماؤها ... تذكرت القربى ففاضت دموعها
ويبدي صاحبا الحماسة رأيهما في تناول كل من البحتري والمهلهل للمعنى قائلين: بيت البحتري أطرف وأبدع من بيت المهلهل، إلا أنه -أي المهلهل- أرشده إلى المعنى ودل عليه، ويستطردان قائلين:
ومثله قول القتال الكلابي:
فلما رأيت أنه غير منتهٍ ... أملت له كفي بلدن مقوم
فلما رأيت أنني قد قتلته ... ندمت عليه أي ساعة مندم
بهذا المثال من الأشباه والنظائر استهل الخالديان حماستهما فعنوان الكتاب الحماسة، وهو يجمع المتشابه والمتناظر من معاني الشعر وموضوعاته، ومناسباته، وهو نسق البحتري نفسه في حماسته.
وإذا كان البحتري يأتي بالمقطعات أو القصائد المتشابهة أو المتناظرة -على حد تعبير الخالديين- تحت عنوان معين، فإن الخالديين يفعلان ذلك ولكن -قصورًا منهما- بغير عنوان، فالحماسية الثانية المتسلسلة المعاني المتشابهة المتناظرة في الحماسة أيضا، إنهما يبدآنها هكذا١: