للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شقيق لعبد الله بن الزبير الذي أنشأ حكومة قرشية في الحجاز وخضعت له العراق تحت قيادة أخيه مصعب، ولكن لم يكتب لها النجاح، ولقد عاش عروة بين سنتي ٢٢-٩٣هـ.

ولا ينبغي أن يذهب بنا الظن إلى أن جميع الكتب صنفت في علوم الدين أو علوم العربية والأخبار وحسب، فقد روي أن خالد بن يزيد بن معاوية كتب أكثر من كتاب في الكيمياء والعلوم المعملية ذكر منها ابن النديم: كتاب الحرارات، وكتاب وصيته لابنه في الصنعة، وكتاب الصحيفة الكبير، وكتاب الصحيفة الصغير، هذا فضلًا عن ديوان شعر كبير١.

وذكر أيضًا أن زياد بن أبيه قد ألف كتابًا في الأنساب طعن فيه على العرب أنسابهم لما لقيه من عنت منهم بسبب مولده من سفاح٢، وإن كنا نستبعد مثل ذلك على زياد.. فقد كان من الحصافة ورجاحة الرأي بحيث يتردد في الإقدام على مثل هذا العمل.

وليس هناك ثمة شك في أن كتبًا كثيرة وفيرة قد ألفت أو صنفت في هذه الفترة الباكرة من زمن الأمويين، ولقد أغرم بها بعض من أحبوا المعرفة وأقبلوا عليها وتفرغوا لها، فهذا ابن شهاب الزهري كان يجلس في بيته ويحيط نفسه بالكتب يضعها حوله. ولا شك في أن بعض هذه الكتب كان له ومن تصنيفه والبعض الآخر لغيره من المصنفين، فهو تابعي من أكابر الرواة الحفاظ الفقهاء، وكان يحفظ ألفين ومائتي حديث نصفها مسند، وكان الزهري يطوف في البلدان ومعه ألواح وصحف يكتب عليها كل ما يسمع، وكان حجة في السنة والحديث حتى إن عمر بن عبد العزيز، قال في شأنه: عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة الماضية منه. ولقد شغل الزهري بكتبه عما سواها حتى كادت تسبب له مشاكل بينه وبين زوجته التي كانت كلما رأته مشغولًا بالقراءة عنها، تقول: والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر٣.

هذا وكان لدى الوليد بن يزيد في خزائنه كميات كبيرة من الكتب، بحيث إنه لما قتل حملت كلها لكثرتها على الدواب وكلها فيما يروي ابن سعد من علم الزهري.

ومن مؤلفي الكتب وجامعيها، أو بلغة العصر أصحاب المكتبات الخاصة أبو عمرو بن العلاء -واسمه الحقيقي زبان بن عمار- كانت كتبه التي كتبها عن العرب الفصحاء قد ملأت بيتًا إلى قرابة سقفه، ثم تنسك فأحرقها، فلما رجع عن تنسكه لم يكن عنده من العلوم


١ الفهرست "٥١١-٥١٢".
٢ الأعلام: مادة زياد بن أبيه.
٣ الأغاني: "٤/ ٥٢" ووفيات الأعيان "٤/ ١٧٧، ١٧٨".

<<  <   >  >>