وكتاب "البدائع الباهرة في حلى حضرة الزاهرة" وكتاب "الوردة في حلى مدينة شقندة".
ونحن نعترف أن هذا النهج من التقسيم نهج معقد يدفع بالمرء إلى التوقف، وبالدارس إلى التيه، ومن ثم فإن ضرره أكثر من نفعه، ومساوءه أكثر من محاسنه، غير أن محتويات الكتاب تشفع لهذا التعقيد وتشهد له بالفضل والنفاسة.
ثانيًا: يضم الكتاب ما يناهز ستمائة وسبعة وأربعين شاعرًا من شعراء الأندلس على مسيرة تاريخه منذ دخول عبد الرحمن بن معاوية "الداخل" حتى زمان علي بن موسى آخر المؤلفين، أي النصف الثاني من القرن السابع الهجري، هذا من الناحية الزمانية، أما من الناحية المكانية فلقد أتى المؤلفون بنماذج شعرية أو نثرية لأعيان وأدباء وشعراء كل بقعة من بقاع الأندلس على اتساع هذا الإقليم وتعدوا ذلك إلى الجزر خارج الأندلس كميورقة ومنورقة، فضلًا على جهات الثغر التي كانت حينًا من الدهر في يد المسلمين وحينًا آخر منه في يد نصارى الأسبان. وبذلك يكون للكتاب صفة الشمول الزماني "ولا نقول الكفاية الزمانية" والانتشار المكاني في الجزيرة الأندلسية.
ثالثًا: اهتم المؤلفون بالمناطق التي أنجبت كبار شعراء الأندلس، مثل مملكة قرطبة التي تمثلوا لها بمائة وسبعة وخمسين شاعرًا وأديبًا، ومملكة إشبيلية التي تمثلوا لها بسبعة وتسعين أديبًا وشاعرًا أيضًا، ومملكة إلبيرة التي تمثلوا لها بتسعة وستين شاعرًا، ومملكة طليطلة التي تمثلوا لها بأربعين شاعرًا، وكل هؤلاء الشعراء من مختلف طوائف الأندلس، منهم الملوك مثل المعتمد بن عباد، وأبيه المعتضد بن عباد، ومثل المتوكل بن المظفر، ومثل المعتصم بن صمادح. ومنهم الوزراء وهم من الكثرة بمكان، مثل ابن زيدون، وابن عمار، وابن عبدون، وبني سعيد وغيرهم. ومنهم علماء اللغة والأطباء، والموسيقيون، والزهاد وأبناء العامة كما أن الكتاب لم يغفل الترجمة والاستشهادات الكثيرة المنتقاة للشاعرات النساء مثل: حمدونة بنت زياد، وولادة بنت المستكفي ومهجة بنت التياني، ونزهون بنت القلاعي، وحفصة بنت الحاج الركونية وحفصة بنت حمدون الحجارية. كما ترجم الكتاب وجاء بنماذج لشعراء من غير العرب وغير المسلمين مثل إسحاق بن شمعون اليهودي الموسيقي القرطبي وحسداي بن يوسف بن حسداي الإسرائيلي، وإبراهيم بن سهل الإسرائيلي الذي أسلم فيما بعد، وقسمونة بنت إسماعيل اليهودية. ومن النصارى ترجم الكتاب لعدد من شعرائهم وكان بعضهم على جانب مرضٍ من الإجادة وقدر وفير من الإبداع مثل ابن المرعز الإشبيلي وابن غرسيه وكان لكل منهما نثر بديع وشعر رقيق، وبذلك يكون الكتاب قد شمل الترجمة لكل طوائف الأندلس من رجال ونساء، وعرب وبربر ومولدين ونصارى ويهود، وقواد وأمراء وعامة.