رابعًا: لم يقف نشاط مؤلفي الكتاب عند ذلك الشعر المألوف وحده والنثر المعهود، وإنما أتوا بنماذج عديدة للفنون المستحدثة التي اكتمل نضجها أو ترعرع نماؤها في أرض الأندلس مثل الموشحات بأنواعها المختلفة وموضوعاتها العديدة، ومثل الزجل ومشهوري الوشاحين والزجالين، والكتاب من هذه الناحية يعتبر مصدرًا أساسًا لكل من يريد من الدارسين أن يتمثل لكل من التوشيح والزجل منظورًا متغيرًا متفرعًا ناميًا.
خامسًا: لا يقتصر الكتاب على الأدب وحده، وإنما يتناول الأحداث التاريخية والتطورات السياسية والفتن الزمانية بقدر غير قليل من التفصيل بحيث لا يستطيع المؤرخ الأندلسي -لكي يستقيم له منهجه- أن يكون بمنأى عن "المغرب".
فلقد كتب تاريخ بني أمية في الأندلس أمرائهم وحروبهم وسفاراتهم كما اهتم بملوك الطوائف والمرابطين والموحدين وما جرى في أيامهم من فتوح وحروب وانتصارات وهزائم وفتن، وقلاقل وأحداث.
هذا فضلًا عن الوصف الجغرافي لكثير من البلاد والملامح الاجتماعية التي يمكن استخلاصها صافية دقيقة من أحداث الكتاب وأخباره.
سادسًا: أما من ناحية مصادر الكتاب فإنه قد اعتمد على الكثير من الكتب الأندلسية والمغربية والعديد من المصادر المشرقية، فمن الكتب الأندلسية اعتمد على "المسهب" للحجاري الذي هو أصل الكتاب، و"المقتبس" لابن حيان القرطبي و"نقط العروس" لابن حزم، و"الذخيرة" لابن بسام، و"قلائد العقيان" للفتح بن خاقان، و"بغية الملتمس" للمرسي الضبي، و"جذوة المقتبس" للحميدي و"سقيط الدرر ولقيط الزهر" لابن اللبانة، و"سمط الجمان" لابن الإمام، و"المطرب من أشعار المغرب" لابن دحية، و"فرحة الأنفس" لابن غالب.
هذا فضلًا عن المشاهدة ومخالطة أدباء الزمان وجمع شعرهم وأدبهم والترجمة لأخبارهم والتعريف بتاريخهم، فقد كان يجالسهم ويعايشهم ويستنشدهم أشعارهم ويستمليهم نثرهم.
ولم يقصر مؤلفو الكتاب في الاستعانة ببعض المراجع المشرقية الهامة مثل "يتيمة الدهر" للثعالبي و"خريدة القصر" للعماد الأصفهاني، و"عقود الجمان" للكمال بن الشعار.
سابعًا: وإذا كانت هناك ثمة مآخذ على منهج الكتاب ومحتواه فهو إغفال ذكر ميلاد ووفاة كثير من الأدباء والشعراء والأعيان الذين ترجم لهم، كما أنه من ناحية أخرى -لكي يزيد في عدد أعيان كتابه- كان يذكر الواحد منهم ولا يذكر له أكثر من بيتين اثنين، بل كثيرًا