إن ابن الخطيب كان موسوعة أدبية علمية إنسانية لم تتوفر كثيرًا في الأندلس. لقد كان ابن الخطيب عقل الأندلس وثمرة حضارته، تمامًا كما كان ابن خلدون عقل المغرب وثمرة حضارته، هذا ولا مفر من أن نشير إلى بعض كتب ابن الخطيب قبل أن نعود إلى موضوعنا الأصيل -أعني التراجم- فنشير في إيجاز إلى أهم كتبه وموضوعاته.
٢- كان لسان الدين فريد عصره في تملك أسباب الأدب، ووحيد دهره في التمكن من فنون المعرفة، لقد ألف ما يناهز ستين كتابًا في مختلف الفنون والعلوم، في الأدب والتاريخ والتراجم، والرحلات والبلدان، والسياسة، والطب، والفقه، والتصوف، وعلم الكلام، والاختيارات الأدبية، كما كان دنيا بمفرده في عالم الشعر والتوشيح.
فمن كتبه في الأدب والتراجم الأدبية "الكتيبة الكامنة" و "التاج المحلى في مساجلة القدم المعلى" وقد تحدث فيه عن مائة شاعر وعشرة وكان حين كتبه في غرناطة لا يزال غض الشباب، وكتابه "الدرر الفاخرة واللجج الزاخرة" وهو اختيارات أستاذه الوزير ابن الجياب وصديقه وأستاذه أبي جعفر بن صفوان، وكتاب "جيش التوشيح" وهو مختارات فريدة ثمينة للوشاحين الأندلسيين، وكتاب "عائد الصلة" في التراجم الأدبية، وكتاب "السحر والشعر" وهو اختيارات لمشاهير شعراء الشرق والأندلس.
وفي التاريخ ألف لسان الدين مجموعة ثمينة من الكتب في هذا المجال، وكتب لسان الدين في التاريخ هي في الوقت نفسه كتب أدب، مليئة بالشعر الجميل، مترعة بنفائس القصائد مع ذكر المناسبة التي قيلت فيها كل قصيدة، إن طبيعة لسان الدين الأدبية تفرض نفسها على كل عمل علمي يقوم به، فمن الكتب التي ألفها في هذا الميدان: نفاضة الجراب في علالة الاغتراب" وهو كتاب تاريخ وأدب ورحلات، و "الإحاطة في أخبار غرناطة" وهو من الشهرة بحيث لا يحتاج إلى تعريف يترجم فيه لسان الدين لملوك وأمراء غرناطة وعلمائها وأدبائها والوافدين إليها من المشرق والمغرب، وذكرهم مرتبة أسماؤهم على حروف المعجم، وكتاب "رقم الحلل في نظم الدول" هو تاريخ منظوم للدول الإسلامية في الشرق والغرب، وكتاب "كناسة الدكان بعد انتقال السكان" وهو كتاب تاريخ وحوادث ورسائل، وكتاب "أعمال الأعلام في من بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام" وهو كتاب في التاريخ الإسلامي نشر منه القسم الخاص بالأندلس، ولكنه يضم نفائس القصائد الشهيرة التي قيلت في المناسبات العظمى في الأندلس والمغرب، وكتاب "اللمحة الدرية في الدولة النصرية".
وفي البلدان ألف ابن الخطيب كتاب "معيار الاختيار في ذكر المشاهد والآثار" وصف