وكان عمر رضي الله تعالى عنه يرسل إلى الحدود وإلى ثغور بلاد الإسلام المعشرين، فإذا مر بهم تاجر يريد أن يدخل أرض الإسلام لتجارة نظر المعشر لشخصيته، سواء كان مسلماً جاء من أرض أخرى إلى أرض جوار أرضه، أو كان ذمياً أتى بتجارة إلى أرض المسلمين، أو كان حربياً له عهد أو في وقت هدنة وأتى بمال إلى أرض المسملين.
كل هؤلاء يسمح لهم بدخول بلاد المسلمين، فالمسلم يدخل الأرض الإسلامية، والذمي يدخل الأرض الإسلامية، والحربي بالمعاهدة وبالصلح يدخل الأرض الإسلامية، فكان المعشر يأخذ من المسلم ربع العشر على تجارته، ومن الذمي نصف العشر، ومن الحربي العشر، وهكذا تحصل الأموال بالتعشير على اختلاف الأشخاص بصرف النظر عن نوعية التجارة التي أتى بها، والتي يريد أن يروجها في أرض المسلمين.
ثم كان يقع الظلم على أهل الأموال عند تعشيرها، فكان أحدهم يمر على هذا المعشر فيأخذ منه، ثم في طريقه يمر على غيره فيأخذ ولا يصدقه بأنه قد دفع، فأنشئت السندات؛ ففي أول معشر يمر به ويدفع له العشر أو نصفه أو ربعه يعطيه سنداً على أنه عشر ماله، بحيث لو مر على عدة معشرين لا يكرر عليه أخذ مال منه.
واتفقوا على أن من تكرر مجيئه في السنة الواحدة لا يكرر عليه العشر قبل الحول، إلا الحربي، فإذا أتى وباع تجارته، ثم رجع إلى بلده، ثم جاء مرة أخرى عُشِّر ماله ولو كان قبل الحول.
واتفقوا على أنه لا يعشر مال أقل من نصاب الزكاة، وهو مائتا درهم من الفضة، وعشرون مثقالاً من الذهب.
هذا ما يتعلق بالأموال التي تدخل على المسلمين بطريق المعشرات.
والغنيمة هي: المال المأخوذ بغلبة السيف، فما فتح عنوة من القرى فهي وما فيها غنيمة، والغنيمة تخمس ثم يقسم ما عدا الخمس على المجاهدين، إلا أن عمر أوقف قسمة الأراضي على المجاهدين وقال لهم: أوقف قسمة تلك الأراضي من أجل أن يستمر خراجها لسد حاجة المسلمين الآن ولمن يأتي بعد ذلك، ثم أعلن لهم وقال: وجدت حجته من كتاب الله، وذكر قوله تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}[الحشر:٨]، ثم {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ}[الحشر:٩]، ثم {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}[الحشر:١٠]، واستقر الأمر على ذلك.
فالفيء طريقه مثل طريق الغنيمة، ولكنه ما أخذ بدون قتال كما قال تعالى:{فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ}[الحشر:٦].