بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فيقول الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}[النساء:٦٥]، أي: لا يحكمونك بقوة القانون غصباً عنهم، بل يحكمونك طواعية، ولا يجدون في أنفسهم حرجاً ولا ضيقاً ولا مضاضة، بل إيماناً وتصديقاً، يحكمونك ولا يجدون في صدورهم حرجاً، {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:٦٥].
قد يأتي المدعى عليه عند القاضي فيحكم عليه ويسلم رغماً عن أنفه، فهل هو رضي وسلّم بالحكم عن رضا؟ لا، بل مخافة العقاب ومخافة السلطان، أما التحاكم إلى رسول الله لا يتم إلا إذا كان عن رضا، ولا يقع أي حرج منه، وأن يسلم تسليماً كاملاً، لأنه بإيمانه بأنه يحكم بالعدل، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء:٥٨]، فالمؤمن يؤمن بذلك، ولهذا يرضى ويسلم كل التسليم.
{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ}[النساء:٦٦] هذا موضوع آخر راجع إلى المنافقين، وهم يعرضون عن حكم رسول الله، والله يحكم ما يشاء، {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ}[النساء:٦٦] اليهود كان من توبتهم أن يقتلوا أنفسهم فتاب الله عليهم، فالله لم يأمرنا بذلك، فهذا معنى هذا السياق.
أعتقد -يا إخوان- أن هذا العرض قد يكون كافياً، ولكن بعض الإخوة يحب أن يطمئن أكثر، ويقف على نصوص أئمة التفسير في هذه الآية، وقد حاولت نقل ذلك عن بعض كتب التفسير ليسمعها الأخ السائل الكريم، وكل من تحوك في نفسه هذه الشبهة، ليعرف أن الأمر بعيد كل البعد عما ظن، وأنها من سنة أدعية السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أجد الكتب التي ذكرت مسألة السلام على النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر ذلك.