[قال: وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر)].
فـ (لا سبق إلا)، هذا الأسلوب عند البلاغيين يسمى: النفي والإثبات، وهو أقوى أنواع الحصر.
(لا سبق): نفي جميع أنواع السبق، (إلا): إثبات للمطلوب: نصل، حافر، خف، فـ (لا) نفت جميع صور وأفراد وأنواع السبق، ولو قيل:(لا سبق) ولم يستثن لنفي كل سبق في أي نوع من الأنواع؛ لكن لما جاءت إلا وهي من أدوات الاستثناء، وقع الاستثناء، ويشترط أن يكون متصلاً وألا يفصل بين المستثنى والمستثنى منه بزمن طويل أو أو إلى آخره، فـ (إلا) تثبت بعض أفراد المنفي.
وهذا الأسلوب أقوى أنواع الحصر، كما في كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، فلو أن إنساناً يقول: لا إله، فإنه يكون قد نفى جميع الألوهية، حتى نفى الألوهية عن رب العزة، أي: إذا قال: لا إله، فمعناه أنه لا يعترف حتى بألوهية رب العالمين، لأنه نفى جميع الألوهية، ثم تأتي (إلا) وتثبت الألوهية لله وحده.
فـ (لا) نفي لجميع الآلهة، و (إلا) أثبتت المطلوب، وهو الله الواحد.
فكذلك هنا، والحصر ينفي ما قبل إلا، ويثبت ما بعد إلا، وقد يكون هناك أدوات حصر أخرى مثل:(إنما) كان يقول: إنما السبق في كذا وكذا، والتقديم والتأخير، مثل:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] يعني: لا نعبد غيرك، ولا نستعين بغيرك.
فهنا جاء الحديث بأسلوب النفي والإثبات وهو أقوى أنواع الحصر، فنفى السبق في كل شيء واستثنى من ذلك هذه الثلاث.
إذاً: لا يجوز لأحد أن يدخل مع صاحبه في سباق لم يأت به نص، والنص إنما جاء بهذه الثلاث، فلا سبق في غيرها.
كلمة:(لا سبق) عامة، بجعل وبغير جعل، لكن المراد هنا ما فيه المحظور وهو الذي بالجعل، أي: لا يجوز السبق بجعل إلا في هذه الثلاثة، وأما بدون الجعل في السباحة، أو في الجري، وفي جميع أنواع الرياضيات؛ فلا مانع في ذلك.