الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فمن الموارد المالية للدولة الإسلامية الجزية التي تؤخذ من الكفار إذا لم يسلموا، واختاروا دفع الجزية بدلاً من قتال المسلمين، وقد اختلف العلماء هل تؤخذ الجزية بغير اسمها؟ فأجاز ذلك كثير من العلماء واستدلوا بقصة نصارى بني تغلب مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنهم قالوا له: فرضت علينا الجزية، واعترفنا بها، وصالحنا عليها، إلا أننا نأنف من تقديمها؛ لأن تقديمها كما قال تعالى:{عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة:٢٩]، والعرب تأنف من ذلك؛ قالوا: فخذ منا كما تأخذ من المسلمين، لأن ما يأخذه من المسلمين في الزكاة أكثر مما يأخذه من أهل الذمة في الجزية.
فامتنع عمر، فزادوه، فقالوا: خذ منا ضعف ما تأخذه من المسلمين من أموالهم، فأرادوا أن يدفعوا ضعف الجزية باسم الزكاة ولا تكون باسم الجزية، قالوا: وإلا فدعنا نرحل إلى أرض الشرق، ونخرج من الجزيرة، فشاور عمر من حضره، فقالوا له: يا عمر! اقبل منهم، وأبقهم تحت يدك بدلاً من أن يخرجوا عن طاعتك فيكونون عليك بعد أن كانوا لك وفي قبضتك، فقبل منهم، وأضعف عليهم العشر كما يقال، وأبقاهم على ما هم عليه، باتفاق بينهم وبينه.
هذه هي الجزية على الكفار، والزكاة تكون على المسلمين في الأموال.