قال المصنف رحمه الله: [وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة) متفق عليه، وساق الترمذي وابن حبان الأسماء، والتحقيق أن سردها إدراج من بعض الرواة].
هذا الحديث أكثر العلماء من البحث فيه، وأفرده البعض بتآليف مختصة، ونتكلم عليه من نقطتين: هذا الحصر العددي من أين؟ أهو اجتهاد وتلمس أو هو توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل لهذا العدد مفهوم أو لا مفهوم له؟ وما المراد بأحصاها؟ هل المراد جمعها؟ فقد يجمعها يهودي أو نصراني أو بوذي!! وقد يحفظها شريط مسجل، وتسجل عليه، وتكون محفوظة فيه! هل حفظها عن التغيير فيها؟ هل حفظها بالعمل بمقتضاها؟ كل ذلك فيه مباحث متشعبة وعديدة.
وهناك من يتعمق نوعاً ما فيقول: كيف يكون لذات واحدة أسماء متعددة؟! وبعضهم نفى تلك الأسماء، وأثبت اسماً واحداً وهو الله.
وهل الاسم هو عين المسمى؟ ودخلوا في أشياء لا نقدر أن نمشي وراءهم فيها.
ولكن نتناول الحديث بقدر المستطاع وبقدر الحاجة في إيراده في باب الأيمان والنذور.
قوله:(لله): لفظ الجلالة علم على الذات، ولم يسم به غير الله، حتى الذين ادعوا الألوهية والربوبية ما قال واحد منهم:(أنا الله) أبداً، قال فرعون فيما حكى الله عنه:{أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}[النازعات:٢٤]، {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}[القصص:٣٨] لكن هل قال: أنا الله؟ لا.
وقالوا: لفظ الله هو الأصل، وجميع الأسماء والصفات راجعة إليه، يقال: الرحمن الرحيم اسمان من أسماء الله، الحي القيوم اسمان من أسماء الله؛ فكلها ترجع إلى لفظ الجلالة.
وعند العرب كلما عظمت الذات كثرت أسماؤها، انظر الرسول صلى الله عليه وسلم كم له من الأسماء؟ بعض الناس جعلها مثل أسماء الله الحسنى مائة، وبعضهم زادها قليلاً عن المائة.